د. خيرية السقاف
إن كانت مفردة «القرى» في استخدام كتاب الله القرآن الكريم وصفًا لسيدة المدائن «مكة المكرمة» في العصور الماضية, فإنها بوصف الرب لها هي رأس البلدان الأولى في المسؤولية, والرأس في القيادة, والجسد للأعضاء, والربان للسفينة, والدليل للسرب, والمبتدأ للموقف, والمنتهى للآراء..
أم البلدان» عاصمة السعودية العظمى, لذا اليوم هي «أم القمم» على مر المواقف, واختلاف أزمات العرب والمسلمين, من الجار القريب, وإلى العضو البعيد, فيها يجتمع الرأي, وإليها تلوذ الأعضاء, وبها يتوحد الصف, حيث تطرح المشكلات, وتناقش القضايا تحت مظلة هذا الوطن العظيم بدوره, ومكانته, بحكمة قادته..
ففيها يُتخذ القرار في شأن الأمة, وتنتفض الحمية لقضاياها, وتلتف على أمرها, وتُشد بكل أعضاء بلدانها أعضاؤها..
هذه الأمة العربية, والمسلمة المترامية في أم القرى الآن, وعلى طاولتها الرحبة, وبين عيني قائدها,
وبحذق نهجه, وأريحية قيادته, يتسع محضنها لتكون أم القمم الثلاث,
يجتمع فيها القوم على قلب رجل واحد هو قائد هذه المسيرة, عاقد هذه القمم,..
وعلى مر تاريخ مراحل قضايا العرب والمسلمين, عند مواجتهم الأزمات, ومثول القضايا المهمات كانت هذه الأم هي الملاذ, هي محور الدائرة, هي الدليل, هي القائد, هي المشورة, هي الرأي السديد, هي القرار, وهي منطلقات الأفعال بجدية المسؤولية, وأمانة القيادة..
في «أم القرى», أم «بلدان» العرب, والمسلمين, تنعقد ثلاث قمم في آن, تواصلا مع كل قمة كانت لها «السعودية العظمى» القاعدة, والدليل..
ما يكون عن هذه القمم الثلاث, ليس الرأي يطرحه العابر, والمتمعن, أو الباحث, والمختص.
فتلك مسلمات تواكب موضوعاتها, وتحصي نتائجها, وتبحر في أبعادها وهو شأن سياسي, وعروبي, وعلائقي بكل ارتباطات «بلدان» دول الأمة بكلِّها, حيث بين أيديهم ما هو للبحث, والتشاور, ومن ثمة للاتفاق على رأي لبدء مسيرة التنفيذ, واتخاذ المواقف في أمورها بتفاصيلها, وكل ذلك مآله للمختصين, ولذوي الشأن..
ما يكون عن هذه القمم من سواهم هو أمران, أولهما: أن يوفق الله هذه القمم الثلاث في الاتفاق وفي العمل, بأن يوطن قلوب أعضائها على أمرهم بوحدة القضايا, وأهمية تنفيذ نتائجها على نبض واحد..
وثانيهما: أن يُّمكِّن الناس, كل الناس خارج دائرة قادتها أفرادًا, وجماعات في «بلدان» هذه القمم من دعم قياداتهم, وعونهم لتحقيق نتائج القمم في مسارها المتفق عليه, وأن تلهج أفئدتهم قبل ألسنتهم بالدعاء إلى الله أن تحقق هذه القمم في اجتماعها ما عليه نية هذا الانعقاد بقيادة أم «القرى» السعودية العظمى, سيدة المواقف التاريخية العظيمة, المشهودة مواقفها الجلية, ومبادراتها الجادة نحو قضايا العروبة, والإسلام..
إن أمة عربية مسلمة تكون محضنها لهي الشهادة لهذا الوطن بدوره المختار ليكون المصباح, والدليل, والجسد لكل أعضاء هذه الأمم العربية المسلمة..
اللهم سدد رأيهم, وبلغهم رميهم..
* * *
قرائي الأعزاء:
لعلني بهذا المقال أكون قد بلغت آخر مطاف المحبرة في هذا الشهر المبارك لهذا العام, لأبدأ أعزائي إجازتي السنوية بعد إجازة العيد المبارك.. وكلّيِّ مفعمة بتقدير قراءتكم, وجميل ظنكم, وطيب رفقتكم, ودوام حبلنا الموصول ثقة, وتقديرًا..
أحي جنود «الجزيرة» الذين وراء النشر بكل أدوارهم, وجميل صحبتهم, وأسأل الله لهم, ولكم قبول الصوم, وجائزة الفوز, وأيامًا تأتي بكل خير, ونجاح..
ولوطننا الغالي نصرًا أتمناه مؤزرًا, وسلامًا دائمًا, وتقدمًا لا تتوانى عجلته..