عمر إبراهيم الرشيد
لعل بعض البرامج الحوارية في قنوات سعودية فضائية قد نجحت في تقديم برامج جادة، بعيداً عن إسفاف هذا السيل العرم من الملهيات التافهة. ووجه الفائدة ليس في التعريف برموز ثقافية، اجتماعية وأكاديمية وإفساح المجال لهم لإبراز ما لديهم للجمهور فحسب، وإنما في كشف مدعي ثقافة أو طلاب شهرة رخيصة وقصيرة العمر. لن أذكر هنا أسماء لأني لا أرى أنهم يستحقون الذكر، إنما أعجب لأحدهم حين يقول إنه تغير جذرياً بعد قراءته لكتاب معين، ما جعله ينسف ليس أفكاره السابقة وإنما ثوابت دينه ونسأل الله العافية. ولنقف هنا ونتساءل، ترى هل ضعف ثقافة هذا الشخص وقراءاته إلى جانب القراءة الواعية للعلوم الشرعية والثقافة الإسلامية، وليس مجرد حفظ وترديد النصوص، أقول هل هذه الهشاشة الثقافية هي ما أدى به إلى الانقلاب بمجرد قراءة كتاب صادفه؟، في رأيي الشخصي نعم.
وعلى النقيض، تابعت الخميس الفائت لقاءً مع المثقف نجيب الزامل، الذي بقدر ما يرسم الابتسامة وينتزع الضحكة ممن يتابعه، فإنه يثري من يستمع اليه بما لديه من مخزون ثقافي تراكم لديه من صحبته للكتاب وقراءاته الواسعة. وما أجمل حديثه عن الحضارة الإسلامية والعربية وتأثيرها على العالم، مقتطفاً من عدة كتب لمفكرين غربيين، ومنهم مؤلف كتاب (بيت الحكمة) جوناثان ليونز الذي تحدث عن أعجب ما رآه في الإسلام وهو الصلوات الخمس، حتى أنه قسم فصول الكتاب إلى خمسة. ثم يأتيك من بني تربتنا من يظن أنه قادر على إنكار هذا التأثير، بل ووصف الفتوحات الإسلامية والعربية بأنها احتلال غاشم!. وتعليقاً على هبّة الالحاد بأن الالحاد مجرد وهم وهو رأي له اعتباره من حيث إن مدعي الالحاد ليس لديه اقتناع راسخ ودلائل مقنعة لمبدئه إن صح اعتبار الالحاد مبدأ. هذا المثقف الذي تحدث عن قراءاته المتنوعة بشغف وبالتالي بتأثير على مشاهديه، شعرت بالفخر حقيقة لوجود أمثاله في وطننا العزيز هذا. وبقدر ما شعرت بالاشمئزاز والأسف من بعض مدّعي الثقافة ممن يملأون أشداقهم ويلوكون ألسنتهم بتلك المصطلحات بغية الاستعراض الممجوج، ويسيئون لمجتمعهم ووطنهم من حيث يدرون أو لا يدرون، بقدر ما أرى أنها ضرورية، لتفضح هذه اللقاءات هشاشة ثقافتهم، بل واضطراب نفسياتهم. نسأل الله لهم العافية وألا يجعلنا نعتد على الخلق بطاعاتنا، فإنما الفضل لله ونسأله الثبات وتقبل الله صيامكم وصالح أعمالكم.