سعد بن عبدالقادر القويعي
جملة ما يتعلّق بمحتوى فكر دعاة الصحوة، وتاريخهم أجمله -الدكتور- عائض القرني، بعد أن احتل الصدارة من بينهم في خط المواجهة، والانتماء ذي القاعدة الجماهيرية، ومروره بمخاض التحولات من واقع تجربته -تاريخاً وعقيدةً ومنهجا- ؛ ليحدث عن نفسه، حين كانوا خمساً وعشرين داعية من رموز الصحوة؛ فيقول: «نتردد على الشيخ عبدالعزيز بن باز -رحمه الله-، وكان ينصحنا، وينبهنا؛ ولكن الحماس، وقلة العلم، جعلتنا نستمر في ركوب الموجة التي كانت ملغومة، وكانت خليطاً من الإخوان، والسلفيين، والسروريين، والمغالين، والمتشددين»؛ لتزرع نتائجه -في تقديري- على هامش المجتمع، وحراكه -بأشكاله المختلفة- دائرة من الأدلجة المغلقة، وبرمجة الناس داخل الحراك الصحوي، بعيداً عن الوصول إلى صيغة تعايش مع الدولة، والعمل على حصار النهج التكفيري.
في يقيني، أن التصنيف -السياسي والفكري- للدكتور عائض، وعن الزوايا المهملة في اتجاهاته، وماهيته، ومعرفة الظروف، والملابسات، والتي اختصرها في ثلاثة أخطاء شنيعة، وقع فيها دعاة الصحوة، بعيداً عن التأمل الحر، والتفكر النقدي، والتبصّر العقلاني، كان من أبرزها: «مصادمة دولة إسلامية تحكم بالكتاب، والسنة، والبعد عن كبار العلماء، ومعارضة أفكارهم، والغلظة في الفتوى»؛ لتصبح المسؤولية التاريخية، مع ضرورة الإحاطة بالفاعل - السياسي والدولي -، والمنبثق عن سياق تاريخي تشابكت فيه الأحداث -الداخلية والإقليمية-، فكان شريكاً في إرث الصحوة، وتبعاتها؛ كونها لا تتوقف عن الإلمام بجوانب عميقة، وموغلة الحساسية داخل البناء الاجتماعي، والسياسي السعودي.
بعد أكثر من أربعة عقود مضت، والنتائج -دائماً- هي الأصدق في الحكم على المشروعات بالنجاح، أو الفشل، فإن حجم الأثر الذي تركته هذه الفترة بكل حمولاتها - الثقافية والاجتماعية -، وربما السياسية، تمحور في جر دعاة الصحوة شرائح المجتمع إلى دروب ضيقة، ومسالك مغالية؛ نتيجة عملية الانقلاب الاجتماعي الذي أحدثوه في التكوين الذهني والنفسي للناس.