«الجزيرة» - عبير الزهراني:
أكد لـ«الجزيرة» مختصون اقتصاديون أن الإجراءات الاقتصادية الدولية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية تجاه إيران كانت موجعة للاقتصاد الإيراني حيث أدت إلى ارتفاع نسبة التضخم إلى ما فوق 40 في المائة وركود اقتصادي بعد انهيار مبيعات النفط الإيراني.
وقال المحلل السياسي والكاتب الصحفي يحيى التليدي: أعلن ترمب عزمه مواجهة إيران وتغيير سلوكها، بدأ بقرار انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي، ثم أعلن عن استراتيجية الضغط القصوى بفرض عقوبات اقتصادية غير مسبوقة على طهران، وهي حظر النفط الإيراني في السوق العالمي وعقوبات أخرى على واردات إيرانية غير نفطية. هذه الإجراءات الاقتصادية من إدارة ترمب كانت موجعة للاقتصاد الإيراني حيث أدت إلى ارتفاع نسبة التضخم إلى ما فوق 40 في المائة وركود اقتصادي بعد انهيار مبيعات النفط الإيراني. دول اقتصادية كبرى مثل الصين وروسيا كانت قد أعلنت أنها تقف مع طهران لمساعدتها للخروج من عزلتها الاقتصادية، ولكنها تراجعت مؤخرًا خشية مواجهة العقوبات الأميركية الأشد ضررًا على مصالحها.
وأضاف التليدي: الشعب الإيراني الذي يعاني منذ نحو أربعة عقود الفقر والجوع والبطالة، إضافة إلى القمع وإرهاب السلطة، والفساد في أجهزة الحكم والأمن والجيش، ناهيك عن أزمات الحروب وإنفاق المليارات على الميليشيات والعصابات الإرهابية، لن يبقى متفرجًا في مواجهة المزيد من الأزمات بل سيثور في وجه النظام دفاعًا عن قوته اليومي، وغضبًا من نظام غير متأثر بمعاناة الأغلبية.
وأشار التليدي بالقول: تستطيع طهران قمع المحتجين كما تفعل دائما، ولكن باستمرار هذه العقوبات غير المسبوقة فإنها ستؤدي إلى انهيار الاقتصاد الإيراني، دون أن ترافق ذلك احتجاجات اجتماعية وسياسية تستطيع هز كيان الدولة، تماما مثلما حدث في فنزويلا. ونتيجة هذه الحالة قد تكون استمرار النظام ولكن على شكل الدولة الفاشلة (Failed state) مثل ما يمكن مشاهدته في بعض دول القرن الإفريقي، أو وسط إفريقيا.
وقال الباحث السياسي مبارك آل عاتي: أدخل نظام الملالي الإيراني بلاده في مواجهة غير متكافئة مع العالم وجعلها في حالة حرب وتوتر مع المجتمع الدولي بقيادة الولايات المتحدة، كل ذلك لتحقيق أطماع الملالي التوسعية في المنطقة مما جعله ينفق ثرواته ومقدرات الشعب الإيراني على التسلح ومحاولة امتلاك القنبلة النووية. مما شكل تهديدًا محدقًا بدول الخليج العربي ومنابع ومصاب النفط وهدد ممرات الطاقة العالمية، الأمر الذي رفضه الرئيس الأمريكي ترمب وجعله يسارع إلى الخروج من اتفاق 5+1 ويصفه بالاتفاق المعيب.
وأضاف: لقد أدى الإنفاق العسكري المهول وغير المتوازن مع الموارد الوطنية المتآكلة دوراً سلبياً ضاغطًا على النمو الاقتصادي الضعيف أصلا، حيث ارتفع معدل التضخم من معدل 11.9 % عام 2014 إلى 50 % عام 2019 كما ارتفعت نسبة البطالة إلى 33 % من عدد السكان، بينما يرزح 45 مليون إيراني من العيش تحت خط الفقر؛ أي ما يعادل نصف عدد السكان في بلد كان يعتبر ثالث اقتصاد في المنطقة ويمتلك 10 في المائة من احتياط النفط في العالم، فقد ارتفعت الميزانية الحربية في إيران عام 2019 بنسبة 40 % قياسا بعام 2017، بينما انخفضت ميزانية الصحة بنسبة 23 في المائة وانحدرت ميزانية التعليم إلى 8.4 في المائة، لافتا إلى تدني سعر صرف العملة الإيرانية ليصل إلى أقل مستوياته على الإطلاق، حيث خسر أكثر من 85 % من قيمته أمام الدولار ليصل إلى 54,166.90 تومان مقابل الدولار الواحد.
وأردف قائلا: كل هذا التدهور المتسارع عائد لسيطرة الحرس الثوري على معظم اقتصاد البلاد حيث يسيطر على نحو 55 % من حجم الناتج المحلي واستخدامه هذه الأموال في دعم الميليشيات الطائفية المسلحة التي تنشط في الدول العربية مما جعل الولايات المتحدة تصنفه كمنظمة إرهابية وتجرم كل من يتعامل معه الأمر الذي يعني حرمان إيران من كل الشركات والأموال والممتلكات التي يسيطر عليها التنظيم الإرهابي.. لقد أصبح إيران اليوم أمام مفترق طرق حاد أما البقاء كدولة بدون هذا النظام الإرهابي أو الفناء للنظام والدولة أيضا فقد باتت الخيارات محدودة بل معدمة جدا حيث تقف إيران على حافة الهاوية ولن ينقذها إلا أن يثور الشعب على هذا النظام ليحمي بلاده من نقمة المجتمع الدولي المتأهب بآلة حرب غير مسبوقة.