خالد بن حمد المالك
أحاول أن أفهم، ماذا تريد إيران من هذا العبث في تعاملها مع جيرانها، وإذكاء نار الفتنة والخلافات معهم كلما كانت هناك فرصة مواتية لها، وما هي مصالحها بأن تعادي الدول الأخرى، وتتآمر عليها، ولا تفوت مناسبة دون أن يكون لها موقف يعزز الوجه القبيح لسياساتها.
* *
أحاول أن أفهم، ما مصلحة قطر، وهي الإمارة الصغيرة جدًا، ذات العدد المحدود من السكان، المعزولة جغرافيًا من أي بوابة طبيعية للتواصل مع العالم كما هو حالها الآن، حين تضع نفسها في مواقف تضر بمصالحها، وتجعلها مكسورة الجناحين، وغير قادرة على الخروج من المأزق الكبير الذي وضعت نفسها فيه، بينما لا تزال تستخدم الأبواق الإعلامية لتحسين صورتها، دون أن تكون مضطرة إلى ذلك، لو أنها أحسنت في تعاملها مع جيرانها وأشقائها.
* *
أحاول أن أفهم، لماذا لا تأخذ إسرائيل بموقف عقلاني مرن لتحقيق مبدأ إقامة الدولتين مع الفلسطينيين، وفقًا لقرارات الشرعية الدولية، وما تم الاتفاق عليه في أوسلو وقبل ذلك في مدريد، لينتهي هذا الصراع المرير الذي لا يمكن أن يضمن لإسرائيل الأمن والاستقرار، مهما كانت موازين القوى العسكرية لصالحها.
* *
أحاول أن أفهم، متى يكون العرب في موقف واحد، وسياسة تكاملية واحدة، بديلاً عن تعدد وجهات النظر، دون توافق أو تناغم ضمن دائرة وأطر المصالح المشتركة، خاصة وأنه لا يستفيد من هذا التباين في المواقف والتوجهات، غير أعدائنا المتربصين بنا شرًا.
* *
أحاول أن استوعب ما يجري في السودان والجزائر من مواقف ميدانية، إثر التخلص من الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة والرئيس السوداني عمر البشير، فلا أجد أن مطالب المحتجين يمكن تحقيقها سريعًا، فيما أن لغة الاتفاق، وأسلوب الحوار، وثقافة التغيير، لا تسمح بحسب ما أشاهده بتحقيق مطالب المحتجين بسهولة ومرونة وقبول، رغم مرور شهور على اقصاء الرئيسين.
* *
أحاول أخيرًا، أن أفهم لمصلحة من ظهور قناة الجزيرة في قلب قطر الحبيبة، ومن الذي يديرها، ويوجه سياساتها، ويختار هذه النوعية من الإعلاميين العرب للعمل فيها، فلا أجد أمامي غير مجموعة من الشكوك تحوم حول دور تركي وإيراني وإسرائيلي، واستعماري بالمطلق لما سيكون ولما سيأتي لاحقًا بتوظيف هذه القناة لتحقيق أهداف استعمارية وفق أجندة لا تخدم مصالح العرب.
* *
هذه محاولات للفهم، وتجربة للاستيعاب، يصاحبها ألم على ما آل إليه الحال في الأمة، وهناك غيرها كثير، مما يثير التساؤل، والشعور بالصدمة، والخوف من المستقبل الآتي قريبًا، أو بعد حين، فمتى تتخلص دولنا من غفلتها، وتنحاز إلى مصالحها، وتتجنب ما يؤثر سلبًا في مسيرتها، وتعمل على ما يعزز حقها في الاستقلال والأمن والسلام.