رمضان جريدي العنزي
تفاقمت عندنا ظاهرة التستر التجاري، وتصاعدت وتيرتها، وتكاملت حلقاتها في أجواء المآرب النفعية، والمصالح الشخصية الضيقة، فظهر لنا أناس غرباء عنا لهم أنياب تنهش بنا، ومخالب تخمش وجوهنا، وأرواح حاقدة علينا، بعد أن شبعت من خيرنا، وتمددت واستطالت وتهدلت كروشها، وتحسن ملبسها ومأكلها ومشربها ومركبها، بعد أن أزاحت الأقنعة عن وجوهها لنكتشف حينئذ بأنهم كتائب مجندة لأعداء لنا، وطوابير كثيرة مدربة لسلب أموالنا وخيراتنا، إن التستر التجاري البغيض الذي يمارسه البعض من ضعاف النفوس من المواطنين، الذين رضوا بالقعود، واستطابوا المردود البسيط، هو الذي أفرز لنا هذه النوعيات من الناس، الذين انحرفت بوصلتهم انحرافًا حادًّا ومخزيًا، واتضحوا بشكل جلي بأنهم مرتزقة، اصطفوا مع الأعداء لتحقيق أهداف رديئة مشتركة ضدنا وبمالنا وخيرنا، انكشفوا بأنهم مجرمون ومنحرفون وأشقياء وبلطجية وشبيحة وشذاذ آفاق ورجال عصابات لمنظمات وأحزاب خائبة، لقد انحرفوا كثيرًا في مساراتهم، وأخذوا يوجهون مسدساتهم اللغوية، وخناجرهم اللفظية، نحو صدورنا الكبيرة، وقلوبنا العامرة بالطهر والطيبة، حتى صاروا أدوات فتن، وفرق لنشر البغضاء وغرس الأحقاد، لقد انحرفوا انحرافًا مؤسفًا عندما تحولوا إلى معول من معاول تهديم المجتمع المحب المتآلف وتخريبه، ونشر الإشاعات المغرضة ضده دون رادع ضمير حي، سوى الحقد والكره والحسد، لقد انحرفوا انحرافًا سوقيًّا مشينًا نحو ممارسة الكذب والتجني علينا بذرائع واهنة لا أساس لها من الحق والحقيقة، لقد تآمروا علينا تآمرًا وقحًا عندما اكتشفنا من أقوالهم الصريحة، بأنهم يدعمون بأموالنا أحزابًا ومنظمات عدائية لنا، اختبأوا واندسوا بيننا طويلا بحجة العمل وطلب الرزق حتى كشفهم الله لنا بألسنتهم، وفضحهم على مرأى ومسمع الناس، بأنهم يوجهون لنا بخفية فوهات البنادق نحو صدورنا، منضمين ومتعاونين مع خلايا رديئة لا تضمر الخير لنا بقدر ما تضمر الشر، كانوا يسيرون معنا، ويمطروننا بالقبل، ويجاملوننا بالكلام الذي يقطر عسلاً ووردًا، ويأكلون من على موائدنا، ثم فجأة نراهم ينقلبون علينا، يريدون قنلنا ووأدنا ورمينا على الأرصفة العارية، هكذا خيانة وغدرًا وحيلة، لقد بان حقد هؤلاء حتى أصبح الفعل الملموس لنتائج تستر صاخب لا يجب أن يكون ألبتة، لست مغاليًا إذا قلت إن بوصلة هؤلاء المرتزقة هي الأكثر انحرافًا، فقد تكررت انحرافاتهم على مر الزمن وفق أمال مقيتة، ودروب معوجة، ومسالك ضيقة، ودهاليز معتمة، أن جحود هؤلاء وتنكرهم للفضل والكرم ومخالفة العقد والإقامة يعد أكثر بشاعة وقبحًا ورداءة من أعمال الخوارج والأزارقة والقرامطة والزنادقة والحشاشين، لقد خرجوا عن الصواب والحكمة والعرف، وبان مزاجهم الحاد في البغض والحسد، وميولهم الشاذ نحونا، أن القرود والضباع والقطط أشرف وأنبل وأوفى من هؤلاء العملاء والخونة الذين تمسكنوا حتى تمكنوا، ثم اكتشفنا بعد حين بأنهم يريدون بيعنا للبغاة والطغاة والحشرات، لقد اشتروا الضلالة بالهدى، ولن تربح تجارتهم أبدًا، لأنهم نبذوا العهد والوعد والعقد والميثاق، وركضوا خلف سراب الخيانة والمصالح الذاتية والحزبية البغيضة، بعد أن مثلوا علينا طويلاً، وتمسحوا تقية بأهداب الأخلاق والفضيلة، إن على المواطنين الكرام أصحاب النشاطات التجارية والصناعية والخدمية، أن يفيقوا من نومهم الطويل، ويهبوا ليديروا أعمالهم بأنفسهم إشرافاً ومتابعة، وأن يركزوا على الفرد الوطني، لكي يثمر الزرع، ويكبر النماء، وتحل البركة، على الاقتصاد والمجتمع، بعيدًا عن أعمال المرتزقة وانحرافاتهم الأخلاقية والفكرية والعملية.