سلمان بن محمد العُمري
هناك ارتباط كبير بين التعليم والعمل الخيري على امتداد تاريخنا الإسلامي، ولا تزال شواهده قائمة بيننا، وحين نشأ التعليم المنظم في بلادنا بشقيه العام والعالي كان للعمل الأهلي الخيري لمسة وأثر في ذلك، ومن الشواهد الحية مدرسة "التذكارية" وهي أول مدرسة نظامية بمدينة الرياض تبرع بها الأهالي بمناسبة قدوم الملك عبد العزيز من مصر، وكذلك جامعة الملك عبد العزيز بجدة تأسست بعمل خيري على يد عدد من المحسنين من أبناء بلادنا من مختلف مناطق المملكة، وقبلها مدارس الفلاح بمكة المكرمة، والمدرسة الشرعية بالمدينة المنورة.
وبلادنا -ولله الحمد- تعنى بالتعليم وتقدم له الحوافز بمكافآت تصرف للطلاب في الجامعات وتعد ذلك لاستقدام طلاب المنح، وشجعت التعليم الأهلي العام والعالي بل وكفلت عدداً من الطلاب، وقدمت لهم ابتعاثا داخليا في الجامعات السعودية الأهلية كدعم وتشجيع لهذا القطاع الحيوي المهم واستثماراً منها في التعليم.
ومع الدعم والتشجيع الذي قدمته الدولة -أيدها الله- لمؤسسات التعليم العالي الأهلية سواء الجامعات أو الكليات المتخصصة مادياً ومعنوياً، إلا أن المشاركات المجتمعية لهذه المؤسسات التعليمية لا يزال دون المأمول هذا إن وجد لدى البعض، فهناك من ليس لهم أثر مطلقاً، والسؤال أين دور الجامعات الخاصة والكليات الأهلية من المسؤولية الاجتماعية؟ وأين هم عن المنح المجانية للمتميزين علمياً، ومن أبناء شهداء الواجب، وعن ميسوري الحال، ولماذا لا يقدمون منحاً مجانية لبعض الفئات في المجتمع كالمتفوقين والمعاقين وغيرهم.
الجامعات الأهلية لدنيا جميعاً ربحية عدا كلية واحدة وقفية فقط فهي ممارسة بحاجة الى تشجيع ليكون لدينا أكثر من كلية وقفية، وعلى رجال الأعمال والمحسنين إعادة الصلة الوثيقة بين العمل الخيري والتعليم سواء بتبني كليات تامة أو كفالة طلاب، أسوة ببعض الأوقاف التي تكفل مجموعة من طلاب العلم في الداخل والخارج، وأمامنا حالة مماثلة في أوقاف الراجحي، ومن قبل مؤسسة الملك فيصل الخيرية، ومؤسسة الحريري الخيرية.
إن الدولة -رعاها الله- قدمت الكثير والكثير للتعليم والمتعلمين من أبناء هذه البلاد وأبناء العالم الإسلامي، وتقدم لهم كافة الخدمات والمكافآت أسوة بالطلاب السعوديين بلا فرق ولا تيميز، وحتى في برامج الدراسات العليا يحصل الطالب أياً كانت جنسيته على مكافأة يبلغ مجموعها السنوي عشرة آلاف وثمانين ريالاً، بالإضافة إلى مكافأة تميز قدرها ألف ريال في حالة الحصول على تقدير ممتاز، وإلى مكافأة ثلاثة أشهر تصرف لهم عند انتهاء دراستهم، وهذا ما لا يتوافر في أي بلد آخر.
والسؤال الذي يطرح نفسه مرة أخرى أين الجامعات الأهلية ومبادراتها في تقديم المنح لطلاب الداخل والخارج ومشاريعها البحثية لخدمة المجتمع؟!