ميسون أبو بكر
الصواريخ التي أخمدت في سماء جدة والطائف قبل أيام والتي اعترضها أبطال الدفاع الجوي قبل أن تصل أهدافها إلى مكة المكرمة؛ أعادتني للقصة التي رواها لي أحد أبطال الحد الجنوبي في نجران (عبدالرحمن) التي أطرب لها كلما طرأت على البال وذكرتني أن لهذا الوطن رجالاً صدقوا ما عاهدوا الله عليه.
عبدالرحمن صاحب الذائقة الفنية والكلمة العذبة التقط من رئيسه العم أحمد -كما يسميه- نصيحة هي محل فخر لهذا الشاب وزملائه وأجراس تقرع في ذهنه، تحثه على المثابرة والتصميم، وتعمق في داخله مفهوم المواطنة الذي أبدع القائد أحمد في إيصالها لأفراد كتيبته.
أحمد فيه من الحرص وحب الوطن ما يعلمه الله، أصيب (كما قال عبدالرحمن) مرة ولا زال يتجدد كل يوم، يعود بعد إصابته للحد الجنوبي وكأنه ذاهب إلى عرس بعزيمة وإصرار،
يبدأ نشيده اليومي كل صباح للأبطال حديثي العهد بالمعركة، المتخرجين من الكليات الحربية من وقت قريب:
«كل أم خلف ظهرك هي أمك
وكل أب هو أبوك
وكل أخ هو أخوك.. وكل أخت هي أختك
وكل ابن هو ابنك وكل بنت هي ابنتك
وكل ضيف على المملكة هو ضيفك
وتذكر: أن زرعة معهم (زرعة هو اسم زوجة القائد)
لن يسامحكم الله إن تخاذلتم في حمايتهم، فكونوا رجالا في الوغى وسيكون الله معكم».
هذا هو ما يجاهد هؤلاء الأبطال لأجله، أرض هي أطهر بقاع الكون، شرفها الله بالحرمين الشريفين في مكة والمدينة، وبقلوب تهوي إليها، وملايين من البشر هم زوار بيت الله الحرام بوصلة المسلمين في كل مكان.
أردت عزيزي القارئ أن أشاركك هذه الحكاية المؤثرة وآمل ألا أكون خربت على عبدالرحمن روايته التي ينوي كتابتها أو شرع بالفعل عن تجربته في الحد الجنوبي، عبدالرحمن الذي حفظ درس قائده عن ظهر قلب، فتسللت إليها قبل أن يحيكها بكتاب يؤرخ بطولته مع زملائه في حكاية دفاعهم عن المملكة.
هذا فقط نموذج من آلاف النماذج الأخرى المشرفة لجنود هذا الوطن الذي يستحق أن تهدى له الأرواح وأغلى ما يملك الإنسان.