شريفة الشملان
كم مر علينا من ألم وكم مر علينا من شهد حروب بعيدة كانت ومن ثم قربت. تنتشر بسرعة وتجد للأسف أصوات تغذيها هذا جعلني أتمنى أن أصرخ (ملينا) وبأعلى ما يستطيع صوتي الوصول له.
قسما برب العز والجلال ملينا صوت قرع الطبول، ملينا التحليلات والتعليقات، وبذور نار هنا وهناك، الرعب سيطر علينا منذ حرب احتواء العراق وإيران ومن ثم حرب الخليج الثانية التي قادها بوش الأب ليعود بالعراق للقرون الوسطى وكانت في رمضان، ذهب صدام وذهب بوش والخميني وبقيت المنطقة كلها تعاني وتشتعل نيرانها في الكثير من الأماكن سوريا تمزقت أرضًا وشعبًا ولحقت أفواج اللاجئين السورين بالعراقيين.
وكانت مسلسلات الحرب التي لم تنته، ليومنا هذا العراق ثلاث حروب وما زالت بذور نار فيها ممكن اشتعالها في أي وقت.
قدرات عربية تضعف يوما بعد يوم، تراجع للعلم والأدب والفنون، تم التخدير أولا باسم الدين والدروشة، جهزت الأمة لحروب لا ناقة لها فيها ولا جمل بعيدة عنا (حرب أفغانستان) الشباب تركوا مقاعد الدراسة والعلم لديار بعيدة ولغة غريبة ويحاربون أناسًا لا يعرفون كنههم. حتى الذين لم يذهبوا والبنات أيضًا تم التركيز على العلوم الشرعية على حساب علوم التقنية والرياضيات وما إليه وبذا كنا نسير باتجاه والعالم يسير من حولنا باتجاه آخر يجري سريعًا.
وتدور الرحى مناوشات هنا وهناك، وكف أياد دول عربية كبيرة. آمال ضاعت مشاريع مستقبل عطلت انشغلنا بأنفسنا، كل يأكل كلاًّ. استشرت أمراض غريبة تأكل مجتمعاتنا، مرض وفقد وعوز أيضا أمراض تأكل في البدن وبطالة تجعل الهجرة الطريق الوحيد للقمة عيش مغموسة بذل الغربة. ورمضاننا الآن، نكاد نسمع قرع طبول للحرب أمريكا القاسم المشترك دوما مع إيران وتحليلات ومتطوعون يملأون الشاشات ولعبة الحرب تبدو راقصة على مسرح أيامنا. الصغار أحسن عقلية من الكبار أذكر عندما يتخاصم الصغار أحدهما يطلب من الآخر الخروج خارجًا حيث لا أحد ينجد أحدًا والكل يسلم من شظايا الصراع الطفولي. هذه الحرب التي تكشر عن أسنانها يوما وتعود لتغطي صفحاتها محطات العالم وصحفها، تلعب بأعصابنا وتكدر ساعات صومنا وإفطارنا وتراويحنا. ليتهم يتصارعون بعيدا عنا كما يفعل الصغار، يتخذون من أحد المحيطات البعيدة مكانا لصراعهم فتنجو ديارنا وبالتالي ينجو الكثير من طموحاتنا وتخطيط المستقبل وتعود التنمية لتأخذ طريقها، تسلم ديارنا ومكاسبنا وكل مواردنا وحقوق مستقبل أبنائنا التعليم والصحة والصناعة مزارعنا ولقمة عيش الحاضر والمستقبل بعيداً عن ممارسات نظام إيران العدوانية. في الحروب لا منتصر، الحروب ضياع لكل الفرص الجميلة، وتولد عداوات وحزن ما بين أرامل وأيتام وجوع وعري، وقد تولد ما هو أكثر سوءًا ليست الأمراض الغريبة والعجيبة نتيجة ما يقذف خلال الحروب بل ما هو كسر للروح الإنسانية، نساء مغتصبات ورجال لا حيلة لهم فتكون الهجرة بعيدًا حيث لا لغة ولا دين ولا تاريخ، كم كان مؤلما منظر السوريين وهم تطردهم الحدود وتأكلهم أسماك البحار في أكثر من ساحل.
ندعو الله في كل صلاة وفي غير أوقات الصلاة أن يجنب الله أراضينا وديارنا كل شر وضر، أصوات سلام تتصارع مع طبول الحرب، والسلم يريد مقوماته والحرب حيوان خرافي له أذرع من كل بلوى مهما كبرت أو صغرت.
ولنترحم على شاعرنا العربي زهير بن أبي سلمى القائل:
وما الحرب إلا ما علمتم وذقتم
وما هو عنها بالحديث المرجم
متى تبعثوها ذميمة
وتضر إذا ضريتموها فتضرم
وسلامة أرضنا وناسنا وكل مكتسباتنا.