د. عبدالرحمن الشلاش
بصفتي تربوي قضيت شطرًا من حياتي التعليمية في التعليم العام قبل أن أنتقل للتعليم الجامعي فلدي قناعة راسخة بأن قوة التعليم تنطلق من الصف الدراسي وما يبذل داخله من جهود من المعلم وتفاعل من الطالب، وما ينفذ داخله من فاعليات تعليمية.
في المرحلة الابتدائية يجب أن يتقن الطالب القراءة والكتابة والعمليات الحسابية تمامًا لأنها المفاتيح الأساسية لكل المراحل التالية فالطالب إذا انتقل إلى المراحل التالية وهو غير متمكن من تلك المهارات سيواجه دون شك الكثير من المتاعب والمصاعب وهو ما نلاحظه على معظم الطلبة حاليًّا عند التحاقهم بالمرحلة الجامعية حيث الضعف الواضح في الكتابة أخطاء لا حصر لها ورداءة في الخط، وأخطاء في الإملاء، وضعف في الرياضيات، وفقر في الثقافة ولا تسأل عن النحو وغيره من العلوم الأخرى.
في نظري الأسباب كثيرة يتشارك فيها مع المدرسة البيت وغيره من مؤسسات التربية لكن أهم سبب أراه هو إبعاد الطالب لأوقات طويلة عن فصله ودمجه في أنشطة غير تعليمية تستهلك معظم وقته، والتركيز على الهوامش والقشور, والنظر إليها على أنها الأساس. أما السبب الأهم فيكمن في إلغاء مواد أساسية مهمة جدا مثل الإملاء والخط وعدم محاسبة الطالب على أخطائه في اللغة حتى أصبح الهدف النهائي من العملية التعليمية الاختبار واستعادة المعلومة من الطالب بأي شكل أو أي صيغة حتى لو كانت اللغة سيئة وركيكة. كذلك الاعتماد على الأسئلة الموضوعية مثل الصح والخطأ والاختيار من متعدد وتعبئة الفراغات، واستبعاد الأسئلة المقالية من كثير من الاختبارات رغم أهميتها في الكشف عن بعض المهارات الأساسية، ولعل منها قدرة الطالب على الوصف والربط والتحليل والتفسير وطرح الرأي. كانت تلك الأسئلة المقالية توضح أيضا تمكن الطالب من اللغة العربية من عدمه.
القياس الموضوعي مطلوب لكن المقالي له أهمية فكيف نعد الطالب لمراحل التعليم العليا وهو لا يستطيع كتابة سطر واحد سليم من الناحية اللغوية والمعلوماتية. نؤمن بأهمية النشاطات والفعاليات المختلفة ودورها في العملية التعليمية ولكن الإغراق فيها والإكثار منها يضيع وقت الطالب الذي يجب أن يقضيه في صفه للتعلم والاستفادة من المعلمين، وعقد دروس التقوية لإعداد طلاب قادرين على مواصلة مشوارهم التعليمي باقتدار. إعادة الطالب إلى صفه خطوة مهمة مثلما ذكرت لتقوية التعليم. وضع طالب اليوم مقلق ولا بد من إعادة النظر فيما يجري في مدارسنا التي تدفع بمخرجات ضعيفة جدا للتعليم الجامعي.