حمد بن عبدالله القاضي
لم تصبر دولة على بذاءات وأحقاد إيران مثلما صبرت المملكة سنين طويلة بل عقودًا، والمملكة تتلقى الطعنات والإساءات والسعي للإخلال بأمنها من قبل النظام الإيراني، وكانت القيادة السعودية تتحلى بالصبر وتتجمل بالحلم لعل إيران تعود لرشدها، لكن إيران تكتفي بالكلام غير المتبوع بالفعل بادعاء حرصها على حسن العلاقات.
في الفترة الأخيرة نفد صبر الحكيم، وزاد كذب وتخبط السياسة الإيرانية فكان لابد من مواجهتهم بالمكاشفة وبالحزم، وإشعارهم أن صبر المملكة لم يكن ضعفا وإنما حرص على الرغبة بأن تعود إيران لصوابها، ولكنها ظلت في غيها وعدائها الدفين والظاهر لبلاد الحرمين.
* * *
لعل أصدق وأعمق تشخيص لأوضاع إيران وعلاقتنا معها منذ قيام ثورتها التي تريد أن تصدرها وحتى الآن كان تشخيص سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بحديث تلفزيوني سابق بقراءته الواعية والمدركة لسياسة وأهداف «إيران الصفوية»، وقد توصل لصعوبة التعامل معها بل واستحالة بناء علاقات مع نظامها، فالاختلاف أيدلوجي ومن أهم مفرداته استهداف قبلة المسلمين، فهي تضمر الشر للمملكة من قيام الخميني بالثورة، ولو كان الخلاف - كما قال سمو الأمير - على شؤون سياسية أو اقتصادية لأمكن الحوار معها.
وهذا مما قاله الأمير محمد بن سلمان وبنى رأيه على استقراء تاريخي وفهم دقيق لواقعها وسياساتها العدوانية : « كيف أتفاهم مع واحد أو نظام لديه قناعة مرسخة بأن نظامه قائم على أيديولوجية متطرفة منصوص عليها في وصية الخميني بأنه يجب أن يسيطروا على مسلمي العالم الإسلامي، ونشر المذهب الجعفري الاثني عشر الخاص بهم في جميع أنحاء العالم الإسلامي حتى يظهر المهدي المنتظر.
هذا كيف أقنعه ويش المصالح اللي بيني وبينه، كيف أتفاهم معه، أنا لما يكون بيني وبين دولة أخرى إشكالية نبدأ نحلها، في مشكلة اقتصادية «ويش تبغاه أنت وايش نبغاه احنا» - كيف نتفاهم عليه، في مشكلة سياسية مثلاً مع روسيا - كيف نتفاهم في سوريا - ويش مصالحك وإيش مصالحي.
أما نظام إيران كيف أتفاهم معه - هذا منطقه أن المهدي المنتظر سوف يأتي ويجب أن يحضِّروا الأرض الخصبة لوصول المهدي المنتظر، ويجب أن يسيطروا على العالم الإسلامي، وحرموا شعبهم لأكثر من 30 سنة من التنمية وأدخلوهم في مرحلة الجوع، والبنية التحتية سيئة ولتحقيق هذا الهدف - لن يغير رأيه في يوم وليلة وإلا انتهت شرعيته داخل إيران.
أين نقاط الالتقاء التي يمكن أن نتفاهم فيها مع هذا النظام، تكاد تكون ليست موجودة، كم تجربة لنا مع هذا النظام في أكثر من مرحلة في وقت رفسنجاني واتضح أنها تمثيليات.
بعد ثورة الخميني تأتي استراتيجية التوسع حتى يغضب العالم ومن ثم يخرجوا قائدا وقتها كان رافسنجاني حتى يكسب ثقة العالم ومن ضمنهم إحنا كسب ثقتنا، وبعد الوصول إلى مرحلة أخرى وبيئة جيدة يتم إيصال قائد متطرف لكي يستمر في عملية التوسع مثل ما شفنا مع نجاد في العراق وسوريا وغيرها من المواقع، ثم ليأتي قائد آخر لكي يحافظ على المكتسبات حتى يرضى العالم، ومن ثم يأتي قائد متطرف لكي يستمر في نشر التوسع.
هذا لن يحدث هذا انتهى، والمؤمن لا يلدغ من جحر مرتين - لدغنا مرة والمرة الثانية لن نلدغ، ونعرف أن إحنا هدف رئيسي للنظام الإيراني والوصول لقبلة المسلمين هدف رئيسي للنظام الإيراني.
لن ننتظر حتى تصبح المعركة في السعودية - لا سوف نعمل لكي تكون المعركة لديهم في إيران وليس في السعودية».
وبعد:
ليس بعد تشخيص الأمير محمد لوضع النظام الإيراني تشخيص.. وقد مللنا الصبر والحلم والمثل العربي الحكيم يقول: «اتِّق غضبة الحليم».