في عام 1962م كادت أن تنشب حرب نووية بين الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا نتيجة ما عرف بأزمة الصواريخ الكوبية، وعلى أثر انقطاع الاتصال بين موسكو وواشنطن ولعدم تكرار مثل هذا الأزمة تم عمل في عام 1963م (خط أحمر) أو ما يعرف أيضاً بالخط الساخن بين موسكو وواشنطن، وبعدها أصبح كلمة (خط أحمر) مفهوم لعدم التجاوز في هذا التصرف لضمان الحد الأدنى من العلاقات بين الدول المتصارعة لتجنب وقوع حروب أو سوء فهم.
وتدل كلمة خط أحمر على أن هذا التصرف أو العمل أو القول غير مقبول ولا يمكن القيام به، فأصبحت حياتنا مليئة بالخطوط الحمراء على جميع الأصعدة والتي تعني أنه ليس مسموحاً لك بهذا القول أو الفعل لأنه (خط أحمر)، حتى إن القنوات المختلفة تستخدم الشريط الأحمر في الأخبار العاجلة والمهمة (للفت الانتباه والتعبير عن الأهمية)، ولكن ما نراه من سلوك الأفراد وما تفرزه وسائل التواصل الاجتماعي وما تطالعنا به وسائل الإعلام المختلفة صار استخدام كلمة خط أحمر لدينا فضفاضاً ومتلوناً حسب المواقف وصرنا نرى تغييراً وتبدل الألوان بطريقة واضحة وجلية.
- فمع كل متعصب رياضي يفعل ويطالب بالخط الأحمر في تحليله حسب ميوله.
- وعند الحديث عن شخصية عامة أو فكرية أو موقف سياسي يتلون الخط من الأحمر إلى الأبيض حسب الاسم والبلد والوسيلة الإعلامية.
- وذاك المدعي بأنه محلل اقتصادي ألوانه وخطوطه متلونة حسب بوصلة الفائدة الشخصية.
- وما تقوم به من سلوك وتصرفات وأفعال حرية شخصية، أما في ممارسته من الآخرين فهو تجاوز للخط الأحمر وغير مسموح به.
- الموظف العام أو الخاص (الفاسد) خطوطه تتلون حسب مصلحته الشخصية وأحياناً المادية.
لذا نصاب بعمى الألوان في تحديد اللون المناسب وما هو (الخط الأحمر) لأننا لا نستخدمه بحيادية بعيداً عن العاطفة والهوى والمكابرة والعناد، ولا يعيبنا أن نفحص نظرنا لنستخدم النظارات المناسبة لتكون رؤيتنا واضحة وواقعية، لتجنب إطلاق اللون الأحمر حسب الهوى وهذا لا يمنع أن يكون لدينا (خطوط حمراء) لا نتجاوزه في كلٍّ من:
- فقيمنا الدينية والاجتماعية وثوابتنا وانتماؤنا خط أحمر.
- إطلاق التهم والحكم على الآخرين والتشهير بهم خط أحمر.
- نتجنب إطلاق ألوان حسب الهوى (إلى حدٍّ ما) ونحكم العقل والمنطق.
فالثبات من صفات الجماد (إلى حدّ) وإن الإنسان كائن متغير ومتجدد ومتطور، ولكن حتماً ليس متلوناً حسب الهوى والميول (والذي يطلق عليه وصف الحرباء كناية عن التلوّن حسب الطبيعة وفي كل لحظة، علماً أن الحرباء تتلون حفاظاً على سلامتها).. فلا ضرر من تغيير آرائك ومواقفك، فهي صفة حميدة لأن الإنسان يتأثر بالحقائق والشواهد والمعلومات الجديدة، ولكن بعيداً عن الهوى والتنظير وتغليب المصلحة الشخصية فقط.