أحمد عبدالعزيز الجنيدل
إن تصعيد لغة التهديد والتحذير من قبل الولايات المتحدة ضد إيران، والحشد الهائل للقوات الأمريكية على مياه الخليج في مناطق تبعد أقل من مئتي ميل عن إيران، والزيارة المفاجئة لوزير الخارجية الأمريكي للعراق، تجعل احتمالات وقوع مواجهة عسكرية ضد إيران تلوح في الأفق أقرب من أي وقت مضى، ويبقى السؤال: هل قرر الرئيس ترامب فعلاً أن يرمي سوط العقوبات الاقتصادية ويستعين مباشرةً بطائرات بي 52 والشبح والأف 16 لتغيير النظام في إيران؟ من الصعب الجزم بما يدور في خلد الرئيس ترامب، لكن هنالك ثلاث أفكار رئيسة على المراقب أن يستحضرها عنده تحليله للخطوات الأمريكية ضد إيران.
الأولى، إن البيان الحاد الصادر من «جون بولتون» مستشار الأمن القومي ضد إيران كان يرسم قواعد اشتباك جديدة مع إيران. إن البيان يسوي بوضوح بين إيران ووكلائها، ويقول إن اعتداء وكلاء إيران على الولايات المتحدة سوف يتم التعامل معه باعتباره اعتداءً من إيران على الولايات المتحدة، والرد على هذا الاعتداء لن يكون في العراق أو لبنان كما كان في السابق، بل إن الرد سيكون في قلب طهران. هذه المعادلة الجديدة في الصراع بين الولايات المتحدة وإيران مهمة وهي خطوة متقدمة لم يَخطُها أي رئيس أمريكي قبل ترامب. وكما هو معروف فإنه بعد العقوبات الاقتصادية الأخيرة شاعت أخبار أن وكلاء إيران قد ينفذون أعمالاً عسكرية انتقامية ضد الولايات المتحدة، لكن إيران بعد البيان لم تعد تستطيع الاختباء خلف قناع الميليشيات التي هي فعليًا تنفذ عمل إيران وتحمي مصالحها على الأراضي العربية.
الثانية، أن إيران ستكون حذرة جدًا من إطلاق الرصاصة الأولى. إيران تعرف أنها لا تستطيع الصمود أمام الولايات المتحدة بدون روسيا. وروسيا ضد الحرب على إيران بسبب صراع النفوذ بينها وبين الولايات المتحدة في المنطقة، لكنها لن تستطيع دعم النظام الإيراني في حال كان هو من أطلق الرصاصة الأولى في الحرب. وروسيا لا تريد من إيران أن تبدأ تشن هجوم على مصالح الولايات المتحدة خارج إيران، إذ إن هذا يعني أن إيران هي من استفزت الولايات المتحدة وأن الأخيرة لها حق الرد، وسيواجه النظام الإيراني مصيرًا مشابهًا لمصير النظام العراقي إبان غزوه الكويت وسيكون في عزلة لن يجرؤ أحد على كسرها.
الثالثة، أن الرئيس ترامب مقبل على سنة انتخابات، ولا ننسى أنه أتى إلى سدة الرئاسة على حصان نقد التدخلات العسكرية في الخارج ووعده بخفض التكاليف الاقتصادية للعمليات العسكرية في الخارج. إن إشعال حرب ضخمة ضد إيران قبل سنة الانتخابات أمر خطير خاصة مع وجود معارضة شرسة له بين أروقة الكونجرس. كل رئيس أمريكي تعشعش في رأسه فكرة أن الحرب قد تكون مقصلة لحياته السياسية، وقبل اتخاذ قرار الحرب تدور في بالهم حكاية الرئيس الأمريكي ليندي جونسون الذي خسر بطريقة مذلة في الانتخابات الأمريكية بسبب حرب فيتنام وجورج بوش الأب الذي رغم انتصاره العسكري في حرب الخليج خسر في حرب التصويت وغادر البيت الأبيض دون أن ينال ولاية ثانية.
ليس واضحًا من أن حربًا قد تقع ضد إيران، لكن من الواضح أن الولايات المتحدة يدها على زناد أسلحتها.. وتترقب أي استفزاز إيراني. وأن كل المنطقة في حالة تأهب كامل لاحتمال قيام مواجهة من هذا النوع.