في برنامج عبد الله المديفر المتألق «الليوان»، الذي يعرض حاليًّا في قناة روتانا خليجية، تبدّت لنا فلسفة جديرة بالتأمل، تعبِّر عن الوجود الذاتي، من خلال ثلاث حلقات مفصلية في تاريخ اللقاءات الإعلامية السعودية، على الأقل كما أراها. بيَّنت لنا هذه الحلقات بكل وضوح صريح تيْه وضياع الوجود الذاتي لثلاثة ضيوف حين قرروا جعل الوطن في ذيل قائمة اهتماماتهم، بل التخلي عنه في مرحلة من مراحل حياتهم، إما بجعل الصحوة مُقدَّمة على مصلحة مجتمع ووطن، أو بمعارضة الوطن وقيادته لمصلحة من يتشاجران ويختلفان على (دباسة ورق)، أو بتعطيل العقل ليعمى البصر عن الوطن؛ فتُباع العواطف لفكر ضالٍّ مُضل. وبعد مدة طويلة من تلاشي الذات واضمحلالها لم يكتشفوا وجود ذواتهم بعد ضياعها وهيامها واندثارها وتواريها الطويل إلا في أحضان أوطانهم. تقرأ ذلك بجلاء في ماء أعينهم، ونبرات أصواتهم، وجزئيات مروياتهم.
فلنعِ جميعنا أن وجودنا الذاتي وتأكيده مرهونٌ بوطنٍ في حمايته وأمانه وتحت ظل قيادته نستطيع أن نمارس شعائرنا الدينية الوسطية بلا خوف وقلق، وتحت سمائه نحقق من أجله طموحاتنا وآمالنا، ومن خيره نربي أبناءنا؛ ليجدوا ذواتهم رافعين أسماءهم واسم وطنهم عاليًا بين أكثر الدول حضارة وتقدمًا.
وبعد ذلك كله نستنتج ويتأكد:
لك وطن، وتُخلص له، إذن أنت موجود..
وإلا ستهيم كما هام مَن قبلك في أزقة الذل والهوان والوهم!!
ما أنتَ يا وطني مُجرد طِينةٍ
فأصوغها لطفولتي تذكارا
حَاشا.. ولستَ بُبقْعـةٍ مربوطةٍ
قَيد المكان أَقيسُـها أمْـَتارا
بلْ أنْتَ يَا وطني مَدى حُريَّتـي
فِي الأرْضِ حينَ أعيشهَا أفْكَارا