في خضم الحياة، وطابعها الذي يسوده ثورة الاتصالات وكثرة الملهيات واضطراب المفاهيم واختلال موازين النقد والتقييم.. يجب على المسلم أن يركز على القواعد والثوابت، يرسخها، ويسعى لحمايتها في نفسه وأهله ومجتمعه. والقرآن والسُّنة مصدر التشريع الذي لا يتبدل ولا يتغير إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ . وفي سنن أبي داود بإسناد صحيح عَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «أَلَا إِنِّي أُوتِيتُ الْكِتَابَ، وَمِثْلَهُ مَعَهُ». فهذان الوحيان أُس الثبات والنجاة من الضلال مهما كانت تيارات الفتن والمتغيرات. وفي حديث أبي هُرَيرة -رضي الله عنه- الذي صححه الألباني: «إنِّي قد خَلَّفتُ فيكم اثنين، لن تضلُّوا بعدهما أبدًا: كتاب الله، وسُنتي».
إن مواجهة الفتن بالحجة والبرهان، ونقد المتغيرات، وتمييز النافع من الضار، لا شك لها أهميته، ولها رجالها الذين بذلوا في البيان، وما زالوا على ذلك؛ فشكر الله سعيهم.. ولكن إذا أردنا من عموم المسلمين أمرًا واجبًا عليهم أمام تلكم الأحداث، وفي هذه الأيام، فلا أوجب من الحرص على القيم والثوابت التي لا يمكن التنازل عنها بأي حال.. فالتشديد على توحيد الله، والاستسلام لأمره ونهيه، وإقامة الصلاة، وبذل حق الله في المال، وبر الوالدين، والتمسك بالوحيَين.. وغير ذلك. وكذلك القيم الخالدة من حماية جناب الدين، وأخلاق الإسلام، والالتزام بما أوجب الله، والانتهاء عن محارمه.. كل ذلك لا بد منه بلا خلاف لتحقيق مراد الله، والثبات على دينه، والنجاة من الضلالة والضياع. فقد وجدنا في أيامنا هذه من يتنكر لدينه ووطنه، ويهرب إلى بلاد ليس فيها من شيء من قيم الإسلام وأخلاقه.
الإسلام غرْس في نفوس أهله، تنبت فيه أخلاقهم، وتزدان أرواحهم، ويؤكدها في نفوسهم حرص المربين من الوالدين والمعلمين.
هي الأخلاق تنبت كالنبات
إذا سقيت بماء المكرمات
تقوم إذا تعهدها المربي
على ساق الفضيلة مثمرات
وتسمو للمكارم باتساق
كما اتسقت أنابيب القناة
اللهم اهدِ ضال المسلمين، وردهم إليك ردًّا جميلاً، وأنعم على بلادنا بالأمن والإيمان والهدي القويم.