ما إن يهل هلاله إلا وتهللت أسارير وجوه المسلمين في أرجاء المعمورة ابتهاجاً ببلوغه، وتبدلت الأحوال وانهالت التهاني والتبريكات فرحاً بمقدمه، حيث الرحمات والنفحات الإيمانية والأيادي الحانية المبسوطة بذلاً وسخاءً.
جمال المناسبة قد لا تحيط به العبارة إلمامًا، ولا تبلغ به الكلمة وفاءً بحق، هو النافذة التي يسطع ضوؤها لينير لنا الطريق متجاوزين كل العقبات وصولاً إلى الغاية المرجوة، الرضا والقبول من رب العباد، ونيل وكسب الأجر والثواب من ذي المن والعطاء.
شهر الصوم استثناء بما أودع الله فيه من خصائص، نزول القرآن، ليلة القدر، أبواب الخير المشرعة، وسبل الإنفاق المتعددة، والصوم جُنة تتعمق فيه المعاني السامية وتقوى الأواصر وتسود المحبة والألفة، يرغّب في الفضائل والجود والإحسان ويعوّد النفس على الصبر والتسامح وصون اللسان عن الغيبة والنميمة والابتعاد عن مواطن الشك والريب.
رمضان عبق وروحانية، وتاج الشهور بلا شك، أيامه ولياليه معدودة والفضائل فيها ليست محدودة، ومن المحزن أن يدخل ويخرج الشهر الكريم دون أن يغير في المرء شيئاً، فانكسار وضعف النفس حال الصوم فرصة سانحة للتغير إلى الأفضل والقضاء على العادات السيئة والتخلص من الظواهر السلبية.
الحظوة في هذا الشهر الفضيل لمن اغتنم أوقاته واعتنى بالقرآن وآيِه مبحراً في تعلمه وسبر أغواره وكان على علم ودراية وأخذ العبرة والعظة من هذا الكتاب العظيم الذي فيه لنا حياة وطوق نجاة من كل معاناة.