(تعذير) حول اعتذار شيخنا عائض القرني..
بدءًا أنا لست مع أو ضد.. ولكن تأصيل عام: أحسب - وسامحوني - أنه ما زالت لغة الاعتذار أو التراجع، أو حتى (تصحيح) المسار.. حديثة علينا؛ والدليل فهمنا الخاطئ لها. ففلان اتخذ موقفًا ما، ثم بدا له (بعدما أدرك الآيات) أقصد التبعات.. أن وجه الصواب خلافه..
هنا ينبري من لن يرحمه إن ترك موقفه الأول ونحا إلى الصواب.
وكذلك ما زلنا كأننا لا نقر بمبدأ: (فلان مساوئه ضائعة في بحر إحسانه).. ألا يردد أفذاذنا
(كفى المرء نُبلاً أن تعدَّ معايبه)!!
بل أين نحن من معنى أجلّ في قوله - صلى الله عليه وسلم -: «ما ضر عثمان ما فعل بعد اليوم».
اليوم نشاهد بحرًا من الهجوم على رجل فذّ - مهما اختلف معه البعض -؛ فقد قدّم في سبيل الدعوة ما لا تنكره له عين رمدة؛ فأين الإنصاف؟
هل من مقالة رام بها مقصدًا.. أُخذت عليه، وقُتلت مظانها في الجانب السيئ.. فقط!
يا أمّة العدل.. لماذا بمثل هذه المواقف تختفي تلك الفضيلة؟ أقصد أين نحن والعدل!
إن كان بنظر أولئك أنه تجاوز فقد جاوز من قبل القنطرة.. بتاريخ يشهد له من نصائح ومواعظ وجملة مؤلفات.. سيرة غالبها في منحى لا يتغير «الدفاع عن الدين، والذود عن حماه».. لكن على مَن الملام؟ هل على نوعية بعدها لم تقرأ في سير أعلام، غيّروا وفق معطيات استجدت (كصنيع الشافعي يوم ذهب لمصر).. أم على قوم لم يعوا من مفردة (المراجعات) إلا المسمّى أم...؟!
بل على فرضية أنه أخطأ عن سابق ترصّد! فمَن بربكم المبرأ الموفور مِن كل عيب؟! وما ذاك محصّل؛ (فكل ابن آدم خطّاء)..
أو كأن لسان من أخذ يحدّ المقال، ويتبع بالعتاب.. قال.. لو نطق
(أنا الثريا وذان الشيب والهرم).
وأخيرًا، أين نحن من إجماع الصالحين على ألا تقل بكلمة سمعتها من أخيك قبل أن تحملها أي وجه من الإحسان؟.. تلفاه.
يا أحبة.. نحن نموج بأحوال.. ولسنا بحاجة إلى استكثار.. فنذهب خلف الظنون أو التفسيرات السوداء..
فقد يكون - وهذا ما يُظنّ بأهل الخير - له مرام خفي جلّى عنه أن كفاه.. وبعد هذه الرحلة من الدعوة لله ما بلغ، فهو بمقام من يستغفر الله أن جاش (تلك الرحلة) زلل، أو فُهم منه خطأ بالذات مما في أحمالها خلاف الحق..
وأيّنا مسلّم أن كل ما يصدر عن ذاته قد دقق به؟ فضلاً عن أن يكون متفقًا مع الحق.. إلا ما شاء الله.