أصبحت عمليات التكميم (قص المعدة) من الحلول التي يلجأ إليها الأشخاص الذين يعانون من السمنة الزائدة وما تسببه من أمراض، وفي الغالب يلجأ إليها بعد رحلة طويلة من محاولات الريجيم والدايت والرياضة والتي تفشل ولا تحقق النتائج المرجوه نتيجة عدم الاستمرارية لفترات طويلة، وأثبتت عمليات التكميم نجاحها في كثير من الأحيان في تخفيف معاناتهم ونزول وزنهم.
وجاء شهر رمضان المبارك لنشهد فيه تخمة في الإنتاج التلفزيوني بكل أشكاله بين دراما وكوميديا ومسابقات، وفي سباق محموم بين مختلف القنوات لاستقطاب المشاهد ومن ثم المعلنين، ويلاحظ في الإنتاج التلفزيوني الرمضاني كثرة في المسلسلات العربية والخليجية والتي تتجاوز 120، إضافة إلى البرامج والمسابقات التي تتسم أغلبها (إلى حد ما) بضخامة تكاليف الإنتاج، مع ضعف في المحتوى من سيناريو وتسلسل الأفكار وانسيابيته، وكأنك تشعر أنه انتجت (بالفزعة) معتمدة على خبرة ونجومية القائمين على العمل مع التركيز على (البهرجة) في التصوير وتجميع أكبر عدد من الممثلين في تنافس شديد على اللبس وعمليات التجميل بعيدًا عن الاهتمام بتقديم عمل مترابط متكامل مدروس، طبعًا الإقبال والمتابعة (خاصة على وسائل التواصل الاجتماعي) وعدم النقد البناء والمحاسبة أوجد ثقة لدى العاملين بأنهم يقدمون إبداعًا دراميًا ومسابقات مثيرة ومقالب شيقة (رغم فبركة بعضها)، نحن بحاجة ماسة إلى ابتكار عمليات قص وحذف وربط وتكميم للإنتاج الرمضاني على أن تستهدف التالي:
- المسلسلات ذات الأجزاء والتي في الغالب شجع نجاح جزئها الأول إلى تكرار أجزاء أخرى معتمدة على الإطالة وافتعال القصص والحكايا لملئ الفراغ.
- المقالب الرمضانية بأنتاجها الضخم مع تكرار في بعض الضيوف في كل موسم، دون تساؤل المشاهد العادي أو الفضول لديه بأنه مفبركه علمًا أن بعضها مقالب مؤثرة وخطيرة على صحة الإنسان الطبيعي فما بالكم بكبار الفنانين بالعمر وضعيفي الصحة.
- المسلسلات الكوميدية والتي تتحول إلى تهريج وقفشات وكأنك في مخيم صيفي أو في استراحة بين الشباب من أجل تمضية وقت بالضحك دون أي سيناريو وهدف محدد، ولكن للحق يبذلون جهدًا ضخمًا في الديكور والمشاهد الخارجية وسخاء إنتاجي مادي.
- البرامج الحوارية التي يتنافس المذيعون مع الضيوف في مدح بعضهم وإطلاق الأوصاف ومنح الألقاب والمديح (بطريقة سمجة) وطرح ضحل.
- البرامج الرياضية بانفلات ضيوفه والحديث في كل شيء وتحليله ويتحدثون وكأنهم في نقاش شخصي متناسين أنهم في وسيلة تلفزيونية توجب الحد الأدني من الاحترام والمنطق واحترام اختلاف الرأي بعيدًا عن الاستفزاز واتهام الآخرين بالنوايا.
علمًا أن شهر رمضان المبارك يتخلله ارتباطات عائلية بأوقات محددة، مع قضاء أوقات في العبادة، فمن الناحية العملية الطبيعية لا يستطيع الإنسان العادي في رمضان متابعة المسلسلات والبرامج لقصر أوقات فراغه، لذا كما يطالب العقلاء بعدم الإسراف في المشتريات الغذائية في شهر رمضان لأن مصير جزء منها للأسف (حاويات النفايات)، نطالب بعدم البذخ في الإنتاج التلفزيوني لأن مصير السيء منه -للأسف- مؤثر على عقول وفكر الناس، مع المطالبة بالإنتاج الذي يحفز استثمار الأوقات والعمل والعطاء والتسامح بعيدًا عن التناول والتركيز على الجوانب الشاذة والسلبية فقط من أجل استقطاب ميول وغرائز الناس دون إضافة مجتمعية للارتقاء أو على الأقل بتحفيز مشاهديهم على القيم الإيجابية من تسامح وعطاء وبذل وترفع عن أذية الآخرين، وليكن إنتاجًا قليلاً ولكنه كامل الدسم ومفيد وذو رسالة.