د.ثريا العريض
هو موسم الاحتفاء برمضان، فكل عام وأنتم بألف خير وسلام..
ومع هذا فالتفجيرات الإرهابية المروعة في المساجد والكنائس وبيوت العبادة, وردود الفعل المنسوبة للمسلمين أو الموجهة ضدهم في شوارع العالم المؤججة بالرفض لا تبشر بكونه موسم سلام!
موسم رمضان الحالي لعام 1440هـ يأتي والطقس ربيع جميل.. ليس كذاك الرمضان الملتهب في عز الصيف عام 1434 هجرية الذي حمل إلينا ما عرف بالربيع العربي؛ حينها وصلت درجة الحرارة في شتى مناطق المملكة بين الأربعين والخمسين درجة مئوية، وهي الدرجة التي يمنع فيها العمل في الخارج. على أن الأكثر التهابًا من طقسنا الداخلي ماديًا كان الالتهاب عاطفيًا على كل مستويات الانتماء الإسلامي في محيطنا العربي والإقليمي والعالمي. منذ ابتدأ ما سموه تجاوزًا «الربيع العربي»، والعرب في حالة التهاب وتأجج تقافز بقدرة قادر من تونس إلى ليبيا إلى مصر في شمال أفريقيا عابرًا البحر الأحمر إلى اليمن ثم البحرين ثم سوريا.. وهناك من ينفخ بكير التأجيج ليئج الخلاف بين الشعوب الآمنة في الخليج. وما زال هذا الالتهاب يتداخل عبر مستويات الانتماء وعبر الفصول, للعام التاسع وكلما أطفئ في جهة يعود ليئج في جهة أخرى.. حاليًا في السودان والجزائر. ويهدد غيرنا إقليميًا.
ثورات متتابعة ما زلت أجد صعوبة في تصنيفها عفوية الانطلاق. ولن أقول إن الأوضاع في المنطقة العربية مثالية ولكن التفسير البسيط بكون الأوضاع المادية والمجتمعية ضاغطة على نسبة متصاعدة من المجتمع وفئة الشباب بالذات, لا يفسر كيف تحولت شعارات التجمعات من مظاهرات سلمية شبابية تنادي بتحسين الأوضاع الاجتماعية, إلى حركات مسيّسة منظمة تنادي بإسقاط الأنظمة بالرغم من تفاوت تفاصيل الأنظمة بين البلدان المعنية, وتتصلب رافضة أي حوار.
أبحث عن عامل مشترك يفسر لي ما حدث..
لا أجد مشتركًا في البدء غير معاناة الشباب ولا أجد مشتركًا في النهاية غير اختطاف مبادرة الشباب وتحويلها إلى صراعات بين أحزاب سياسية تكونت قبل أن يولدوا أكل عليها الزمن وشرب, تتنافس لتنفذ عبر مبادرتهم إلى كراسي السلطة.
هذا ما يبدو للوهلة الأولى ولكن المزيد من التأمل والتحليل والمتابعة يظهر أشياء أخرى تستتر كأشباح بالظلام لتثير فينا توهماتها عوامل الرعب. وليست الأشباح من يلام, بل فشلنا في تفهم أن ما تخيفنا به هو مجرد أحبولة تقودنا بها إلى الاستسلام لتوجيهاتها بتعميتنا عن الوجهة الصحيحة؛ مصيرية البقاء كمجموع تعني ضرورة ثقافة التسامح والتعايش والبناء كفريق متساند متداعم لضمان مستقبل مثمر لأجيالنا القادمة. ثمة من أشعل كل نقاط التصدع القابلة للاشتعال كحريق متزامن: الطبقية اقتصاديًا والطائفية دينيًا والمذهبية إسلاميًا. وفي كل موقع وجد مسمارًا لتعليق يافطة باسم متهم محلي أو إقليمي. وليت روح رمضان توقظ فينا الحس بضرورة السلام.