محمد سليمان العنقري
خلال الشهور الماضية كان الملف المهيمن على قائمة الملفات المؤثرة على الاقتصاد العالمي هو الحرب التجارية بين أميركا والصين، والذي ما زال مفتوحاً لكن الكثير من التحركات فيه تشير أن مصيره التوصل لاتفاق ملائم للطرفين، فلم تشعل أميركا هذا الملف إلا لكي تصل بنهايته لاتفاق، فالمصلحة للدولتين تقتضي ذلك، لكن التصعيد السياسي والعسكري الحالي بين أميركا وإيران بات هو الملف الأكثر أهمية وتأثيرًا لما تبقى من هذا العام على الاقتصاد العالمي.
فالتصعيد الحالي الذي أخذ طابعاً عسكرياً بعد أن اشتد خناق العقوبات الاقتصادية على إيران وبدأ تأثيره يظهر بقوة على إيران وأذنابها الذين باتوا يربطون الأحزمة ويبحثون عن طرق تمويل تعوض ما قلصته إيران من دعم لهم بسبب الضائقة المالية بخلاف الاحتجاجات الشعبية على الوضع الاقتصادي التي تغطي عليها إيران ولا يتسرب منها للإعلام إلا القليل، ولذلك فإن الانتقال لمرحلة التصعيد الحالية المفتوحة على كل الاحتمالات تمثل أهمية كبيرة لقياس الملفات المؤثرة على الاقتصاد العالمي.
فمنطقة الخليج تعد المغذي الأول لشرايين الاقتصاد العالمي بإمدادات النفط والغاز ومضيق هرمز يمر منه نحو 20 % من النفط المصدر للعالم بحوالي 18 مليون برميل، مما يعني أن أي تفاقم للأزمة الحالية واستخدام القوة العسكرية لردع النظام الإيراني وإنهاء مشروعه النووي الخطر على المنطقة والعالم لابد أن يمثل كل ذلك ضغطاً كبيراً على أسعار النفط التي سترتفع في حال كان السيناريو الذي ستسير عليه الأمور معقداً بالإضافة لمنتجات المشتقات النفطية البتروكيماويات تحديداً مما سيرفع الأسعار لمستويات لا يمكن تقديرها، وهذا سيكون له أثر سلبي على الاقتصاد العالمي كأحد الاحتمالات السلبية التي يمكن أن تشكل تهديداً لنمو الاقتصاد العالمي المتباطئ حالياً، ولذلك سيكون ملف أزمة إيران هو الأهم في الفترة الحالية والقادمة وتحت أنظار كل الأسواق والمستثمرين فيها.
ملف إيران طال انتظار تفكيكه وحله ولابد من نهاية له تحقق الأمان والاستقرار للمنطقة الأهم بالاقتصاد العالمي، فتصرفات نظام طهران لطالما مثلت تهديداً للعالم في منطقة حساسة جداً تمثل عصب إمدادات الطاقة دولياً، ومع هذا النظام غير القابل للإصلاح أو لتغيير سلوكه تبدو الحلول الجذرية أياً كانت هي المطلوبة، ويبقى الأفضل منها هو مزيد من العقوبات الاقتصادية القاسية والعزلة الدولية، فهي الحل الأقل كلفة على العالم ودول المنطقة والأكثر فاعلية حتى ينتهي خطر النظام الإيراني «الذي صنفته أميركا كأحد محاور الشر منذ أكثر من عقدين»، لتنتقل بعد ذلك منطقة الشرق الأوسط لفضاء آمن ومستقر وتلتفت للتنمية والنهوض الاقتصادي والعيش الكريم لشعوبها.