مها محمد الشريف
إننا نعرف الأطروحة المركزية في تاريخ إيران ونعرف أيضاً الدور الأساسي في سياسة نظامها المظلم الذي لا يستطيع الاستمرار دون صراعات وإثارة الفوضى، والأهم من ذلك تصريح بوتين الذي عبّر فيه عن أسفه لما يحصل لاتفاق إيران النووي، مشددا على أن روسيا ليس بإمكانها لعب دور «فرقة إنقاذ» على أساس دائم على الساحة العالمية.
وقال: «سنرى ماذا سيحدث. روسيا ليست فرقة إطفاء ونحن غير قادرين على إنقاذ كل شيء، خاصة ما لا يعتمد على إرادتنا بالكامل».
بناء عليه، فإن الأمر المفاجيء هو أن إيران أصبحت دون غطاء سياسي عالميًا من أي دولة كبرى، لأن روسيا ترى أن إيران تتخبط سياسيًا وتتحدى المجتمع الدولي، على الرغم من أن روسيا منذ عهد القياصرة تسمي إيران دولة الحاجز بالنسبة لها ومحور اهتمامها وكثيرًا ما دعمتها، لكن يبدو أن النظرة لنظام طهران تغيرت.
فقد جرى تصميم أزمة اقتصادية لاستخدامها إلى أبعد مدى كسلاح لتجميد النفط الإيراني ومعالجة النوازع العدائية من خلال ضغط العقوبات الأمريكية المفروضة، ومثل هذه التقديرات نجحت إلى حد كبير، ولكنه استثار الشر الكامن في صدورهم بمزيد من الأعمال التخريبية التي تضررت منها ناقلات النفط السعودية والإماراتية.
وبالعودة إلى موقف بوتين الواضح الذي نفض الأفق الضبابي عن السياسة الروسية هذه المرة وبلهجة مختلفة موجهه لطهران بأنها تتنصل من بعض بنود الاتفاق النووي الذي كانت قد أبرمته مع المجتمع الدولي حيز التنفيذ، وحذّر من تداعيات هذا الأمر، وقال: إن بلاده حضت طهران أكثر من مرة على التمسك بالتزاماتها بموجب الاتفاق النووي.
في بعض الأحيان تنعكس الحقائق إلى ضدها وتتضارب وتتناقض، بحسب الأدوار المساهمة في المهمة، فقد تجلت صورة المشروع الأمريكي لمرحلة جديدة و أدركها الرئيس الروسي، لذلك «أكد استعداد موسكو «للعب الدور الإيجابي نفسه الذي لعبته سابقًا، لكن الأمر كما قال: لا يعتمد علينا فقط، بل يعتمد على جميع الشركاء، جميع اللاعبين، بما فيهم الولايات المتحدة والدول الأوروبية وإيران».
جرى تلخيص وجهة النظر الأساسية لدولة عظمى مثل روسيا في المشهد السياسي الإيراني وهو الموقف الأقرب إلى الواقع لتحقيق الهدف، ويعد تطورًا آخر ذا أهمية تاريخية أفقد إيران حصة كبيرة من وجودها على الخريطة السياسة وتراجع مصالحها مع حلفائها، فهل المعركة لا تزال في بدايتها لإيقاف إرهاب إيران ودورها التخريبي في المنطقة؟ أم أن هناك أهدافًا مبهمة لا نعلمها؟