د. أحمد الفراج
نواصل الحديث حول عزل ترمب لأهم أركان إدارته، الجنرال جيمس ماتيس، الذي كان رمانة الميزان، ومركز الثقل، حيث لا يوجد خلاف حول كفاءته، حتى بين خصوم ترمب، وماتيس، أو الكلب العقور كما يسميه نظرائه، يتميز عن غيره من الجنرالات بأنه مثقف، يعرف العالم جيدًا ويدرك ما يدور فيه، كما أنه قوي الشخصية، لا يتورع عن الإدلاء برأيه، مهما كانت نتائج ذلك، وهو بالمناسبة قد تزوج العسكرية، ولذا فهو لا يزال أعزب حتى اليوم، ولم يواجه الجنرال مشكلة مع الرئيس في البداية، فهو في طبعه صامت، ولا يحب الظهور الإعلامي، ويكره المواجهات، وكان لعقيدته العسكرية الصارمة دور كبير في عدم الدخول في مواجهة مع ترمب، فهو يؤمن بأهمية تراتيبية السلطة، والرئيس هو القائد الأعلى لكافة القوات المسلحة.
ولأجل كل ما سبق، حرص الجنرال، خلال الاجتماعات، على ألا يتحدث، إلا عندما بطلب الرئيس رأيه، أو عندما يكون هناك أمر طارئ ومهم، ويذكر المعلقون أن ماتيس، يؤمن بالقيم الأمريكية بعمق، ويعرف الدور المناط بالقوة الأمريكية الجبّارة، كما يدرك مهدّدات الأمن القومي الأمريكي، وهذه أمور لا يمكن أن يساوم عليها، فقد سبق أن فضّل أن يخسر منصبه كقائد للقيادة المركزية الأمريكية، على أن يهادن الرئيس أوباما، وذلك عندما رفض الأخير مقترح الجنرال بزيادة عدد القوات الأمريكية في الشرق الأوسط، وذلك كقوة ردع لإيران، التي يرى أنها تشكل تهديدًا مباشرًا لأمن أمريكا القومي، وجدير بالذكر أن أوباما رفض مقترح الجنرال حتى لا يغضب ملالي إيران!.
قبل نحو خمسة أشهر، أي عندما استقال الجنرال ماتيس أو تم عزله، كتبت في أحد مقالاتي في هذه الجريدة الموقرة ما نصه: «وبما أن عقيدة ماتيس هي التهديد بالقوة العسكرية دون استخدامها، فقد تكون استقالته مؤشرًا على نية ترمب دخول حرب جديدة، ضد حزب الله أو إيران مستقبلاً، وإن كانت لا توجد مؤشرات واضحة على ذلك»، واليوم توجد كل المؤشرات، فالحشد العسكري الأمريكي ليس للنزهة قطعًا، وهو حشد، أكدت مجلة الفورين بولسي، أنه يشبه الحشد لغزو العراق في عام 2003، فهناك حاملات الطائرات، وهناك طائرات الـB52 الضخمة، التي أكدت الفورين بولسي على أنها مجهزة بسلاح نووي، وفوق كل ذلك، تم إبعاد المناهضين لخيار الحرب، واستقطاب أعتى صقور الجمهوريين، مايك بومبيو وجون بولتون، ولا يمكن والحالة هذه إلا أن نقول إن خيار الحرب هو الأقرب، ما لم تحدث معجزة من نوع ما!.