د. حسن بن فهد الهويمل
عَنَّ لي التغريد عن الشاعر (أحمد شوقي). ولما كانت المساحة المتاحة لا تفي بالغرض فقد حاولت (كبْسلة) المعلومة؛ الأمر الذي أثار بعض المتابعين. ولما كان من أدبيات التواصل الاجتماعي صرف النظر عن المتحجبين، والمستفزين، وغير
المتكافئين: سنًّا، ومعرفة، فقد عدلت عن المناكفات، وعززت بتغريدات تزيل بعض الالتباس.
ولما كانت معرفتي بـ(شوقي) شاملة، وعميقة، فقد رغبت في لملمة أطراف الموضوع؛ ليكون المتلقي على بيّنة من الأمر.
(شوقي) ربيب (قصر الخديوي) وشاعره،
وشاعريته الفذة وطأت له أكناف المشهد، ودعم (القصر) ثبت أقدامه.
عمد (العقاد) إلى التعملق على أكتافه، فصده (القصر) بـ(جماعة أبوللو)، والعمل على تسميته بـ(أمير الشعراء).
(القصر) يجتاله:-
-الاستعمار، والعثمانيون، والقومية، والقطرية.
ولهذا تذبذب شعره، واتُّهم في وطنيته.
ثم إن (شوقيًّا) ينتمي إلى أصول:-
شركسية، ويونانية، وكردية، وتركية.
ووسط هذه التجاذبات اختار (القومية)، وتغنى بمهدها (دمشق).
ولأنه قارئ نهم للتاريخ العربي فقد أمده بزخم من المشاعر القومية.
أشرت إلى ولعه بـ(الخمر)، وتغنيه به، وهو القائل:-
(رمضان ولَّى هاتها ياساقي..)
وقد رد عليه (جابر قميحة) معارضًا قصيدته:-
(لا يا أمير الشعر ما ولَّى الذي..)
فامتعض البعض، وأجهشوا بحديث:- (اذكروا محاسن موتاكم)، وذلك إنزال للحكم خاطئ، ومن أخطر الأمور القول في الدين بغير فهم.
(شوقي) لم تمت معه سيئاته. ومجونه باق، ينشده المنشدون، ويتغنى به المتغنون، وشهرته جعلته قابلاً للموضعة، و(علم الجرح والتعديل) في علم الحديث يذكر المساوئ والمحاسن، وما أحد عاب على العلماء ذلك.
شغل (شوقي) المشهد الأدبي، واختلف الدارسون حول شاعريته، ووطنيته، وتدينه، ومجونه.
وإسلامياته من أجمل الشعر الإسلامي، وعنده نفس صوفي.
زرت (كرمة ابن هاني)، وألقيت فيها محاضرة.
وقد تحولت كرمته إلى متحف. وفيه غرفته (الحمراء) كما يصفها ابنه (حسين) في كتابه (أبي شوقي)، وهو أحد مراجعي في إعداد بحثي (شوقي بين التدين والمجون).
زميلنا (الشبيلي) طبع بحثه بالعنوان نفسه.
(شوقي) من الشعراء الذين طوعت لهم اللغة. فالشعراء معها بين: غَرْف، ونَحْت:
جرير، والمتنبي، وشوقي، وقباني من شعراء الغَرْف. ثراء لغوي لا نظير له.
أخذه (الخديوي) معه إلى الحج، فهرب من السويس، وبعث بقصيدة اعتذارية إسلامية رائعة:-
(إلى عرفات الله...)، ولم يحج وهو القادر.
وروى (سكرتيره) حين تعطلت سيارته بجبل لبنان وخاف، قال لسكرتيره:-
«ادع ربك لنا أنت بتصلي».
لـ(شوقي) (الشوقيات المجهولة)، عثرت عليها في (سور الأزبكية)، ولما حدثت بها شيخنا المرحوم (عثمان الصالح) - رحمه الله - تمنى الحصول عليها. ولا شك أنه حصل عليها. الآن ربما أعيد طبعها.