القاهرة - «الجزيرة»:
صدر حديثًا عن مكتبة «تنمية» كتاب «فلسفة البحر» للكاتب جونتر شولتس، وترجمه عن الألمانية شريف الصيفي.
وفي تقديمه للترجمة رأى الصيفي أن هذا الكتاب الجميل يعيبه أنه حصر موضوعه (البحر) في الفلسفة الغربية فقط، وكأن لا فلسفة خارج العقل الغربي، عملاً بنصيحة الفيلسوف هيجل الذي كان -مع الأسف- مسكونًا بعقيدة المركزية الأوروبية والاستعلاء الغربي التي ترى أن «كل ما هو شرقي يجب استبعاده من تاريخ الفلسفة».
ويضيف المترجم: «ومع ذلك للكتاب جاذبيته، فهو يأخذنا في رحلة سريعة شائقة في تاريخ الفلسفة، بالإضافة إلى الجاذبية الخاصة لموضوع الرحلة (البحر).. من منا لا يحب البحر ولم يقف أمامه مفتونًا بالعمق والبراح والسمو؟».
ويتناول الكتاب جزءًا من التاريخ الثقافي والاجتماعي والسياسي للمواطن الألماني، لذا كان تدخل المترجم واجبًا لإضافة المزيد من المعلومات والتعريفات في الهوامش بشأن هذه التفاصيل، ووضع في الهوامش ما تيسر من الترجمات العربية للمصادر الأوروبية التي اقتبس منها المؤلف نصوصه الفلسفية، أو ذكرت في سياق النص.
وفي مدخل الكتاب أوضح المؤلف أن ما يطلق عليه هنا «فلسفة البحر ليس فلسفة جديدة، أو فرعًا من فلسفة الطبيعة، تتموضع بجوار فلسفة الروح والدين والفن...إلخ، بل هي نقيض الفلسفة العامة تمامًا، بما أنها تتمحور حول سؤال أساسي، سؤال بشأن علاقة التفكير الفلسفي بالبحر، وهذا له ميزة، إذ يمكن المرء من استخدام شيء واضح دليلا للسير عبر التضاريس الجافة للمفاهيم.
ويخلص المؤلف إلى أن الفلسفة القديمة كانت على علاقة مختلفة تمامًا مع البحر، وهذا ينم عن فهمهم «للنظرية» بوصفها رؤية فكرية للكون منفصلة تمامًا عن كل التطبيقات التقنية، وكانت شكلاً من أشكال السعادة والفضيلة، وكانت مهمة لتسيير المعيشة.
ويضيف: «للبحر هنا -بفائدته ومخاطره على الإنسان- مكانته الثابتة في الطبيعة، التي يمكن توصيفها بالحيوية.. لكن الفلسفة الحديثة أيضًا لم تعد البحر كيانًا ميتًا أو مجرد مادة نافعة، بل دومًا عد أن بداخله منبع كل حياة وأصلها، وليس أقلها نشأة الأخلاقيات البيولوجية، والموقف الرافض ضد التدمير المتنامي لطبيعة البحر».