د. عبدالرحمن الشلاش
الصحوة هي مرحلة زمنية وليست دينًا جديدًا فالدين هو الإسلام، أما الصحوة فكان يقصد منظروها أن الناس في زمن ظهورها نائمون سادرون بعيدون عن الدين ولا بد من إيقاظهم وردهم إليه.
من سلبيات الصحوة في نظري مبالغتها في تقديس المظاهر مع إهمال شديد للجوهر، لذلك من السهل جدًا وصول قليل علم ومعرفة إلى ما يريد حتى ولو كان يافعًا وصغير سن فما عليه سوى إطلاق لحيته ورمي العقال جانبًا وتقصير ثوبه وإظهار الخشونة في الملبس وفي التعامل الذي يصل إلى حد القسوة مع المخالفين حيث يضرب الصحوي من يخالفه باسم الدين ولا يجد معارضًا من مجتمع يتسم بالمحافظة الظاهرية الشديدة والعاطفة الدينية المشحونة إلى حد الانفجار المحتمل في وجوه أعداء الصحوة.
من سلبيات مرحلة الصحوة أنها أحدثت شللا شبه تام في أطراف الحراك الاجتماعي مما أضر بكثير من الخطط التنموية، وأدى إلى تفتيت شرائح المجتمع، وظهور التصنيفات داخل المجتمع السعودي المسلم، وأصبحت قضية شيوخها المرأة ومحاولة عزلها في أماكن كي لا يراها أحد، ومحاربة ما سمي بالتغريب الذي يهدف وفق المفهوم الصحوي إلى تلويث مناهج التعليم وتسميم أفكار الشباب عن طريق من أسموهم بالتغريبيين من العلمانيين واللبراليين!
كان شيوخ الصحوة يتصدرون المشهد. يتنقلون بين المساجد والجامعات والمدارس للوعظ والإرشاد فكسبوا الأتباع واستقطبوا المؤيدين فنجحت الصحوة في إيصال رسائلها إلى الجميع بأن أعداء الصحوة ورموزها وشيوخها أعداء حقيقيين للدين! أذكر عندما تقول لأحدهم وهو يهاجم من يصفه بعدو الدين ولكنه يا أخي يصلي ويصوم ويتصدق يرد عليك دون أن يفكر ولكن فكره ملوث. منهم مخلصون لمنهجهم الصحوي وآخرون مع الخيل يا شقراء. أغلب نشاطاتهم في المخيمات والاستراحات، وكانوا لا يرغبون أن يرافقهم في تلك النشاطات من يشكون في توجههم، أو من لا يساعدهم على تحقيق أهدافهم. من السهل لديهم أن ينقلبوا عليك لأي اختلاف معهم، ولا يتورعون عن العمل الجاد للإطاحة بمن يخالفهم.
وكما قلت أكثر تركيز الصحويين على المظاهر الخارجية، لذلك تزايدت أعداد أصحاب المظاهر الخادعة لأن المسألة لا تتطلب أكثر من تغيير الملابس والهيئة الخارجية فصرت لا تفرق بين الصادق والكاذب. الصحوة ليست دينا وإنما منهج مشكلته أنه هش نظرًا لضعف مقوماته لذلك لم يكن غريبًا أن يهرب من داخلها كثيرون، واليوم نجد من يؤكد على خطأ تلك المرحلة وسلبياتها.