سلمان بن محمد العُمري
بينما ننعم - ولله الحمد - طوال العام، وليس في شهر الصيام فحسب، بأمن وأمان ورخاء واطمئنان بين أبنائنا، وفي منازلنا، هناك عيون ساهرة من أبطالنا الأشاوس المرابطين في سبيل الله للدفاع عن حمى الإسلام الأول (بلادنا العزيزة المملكة العربية السعودية)، وهناك من ضحوا بأنفسهم وأرواحهم في ميادين الشرف والعز والكرامة، نحسبهم عند الله -عز وجل- في عداد الشهداء.
ولشهداء بلادنا ولأهاليهم مكانة عزيزة في نفوس قادتنا وولاة الأمر. ولا أدل على ذلك من القرارات والأوامر الملكية التي تصدر بين الحين والآخر برعاية أسر الشهداء، والعناية بهم، واللقاءات الدائمة لصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع -حفظه الله- بأسر شهداء الواجب، ونقل تحيات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- وتلمُّس احتياجاتهم عن قرب. وهذا الاهتمام وهذه الرعاية مستمران ومتجددان، وكُونت لهذا الأمر إدارات ودوائر حكومية، تُعنى بأسر شهداء الواجب أينما كانوا، وهي دليل على لحمة أبناء الوطن، وأنهم كالجسد الواحد.
ومع استمرار العناية والتقدير والاهتمام بالشهداء الأبطال وأسرهم، وتفقُّد أحوالهم تقديرًا لما نالوه من شرف عظيم بنيل الشهادة في سبيل الله -عز وجل-، وبالذود عن بلادهم ومقدساتها وأمنها وأمانها، ومواجهة العابثين، وحرصهم على أمن البلاد والعباد، فإن هذه العناية والرعاية بكل حال من الأحوال ستكون محدودة بزمن محدد، سيقف عند بلوغ الأبناء السن النظامية. وكذلك الحال لظروف الزوجة بالعمل، أو بالزواج، أو الوفاة بعد عمر طويل. وهؤلاء الأبطال ما زالوا يستحقون الكثير والكثير، ولن ينساهم الوطن بقيادته وبشعبه بكل تأكيد.. ولكن هذا المقترح الذي سأطرحه يتوافق مع أمرين مهمين:
أولاً: استحقاق هؤلاء الأبطال التقدير.
وثانيًا: ما جُبل عليه المجتمع السعودي من محبة للخير والإنفاق في سبيل الله والصدقة.
والمقترح يتضمن فكرة تخصيص وقفين كبيرين في مكة المكرمة والمدينة المنورة، يسمى كل منهما «وقف الشهيد»، ويكون دخل كل منهما على أعمال البر والخير في بلادنا. وفي مكة المكرمة والمدينة المنورة يعظم الأجر فيهما، ويُنوى بثوابهما أن يكون لشهداء الواجب. ولا يمنع من أن يكون لأبناء الشهداء أيضًا نصيب من أعمال البر والخير بهذه الأوقاف، وهم من الأيتام، ومَن يستحقون الزكاة والصدقات. وأتمنى أن يكون لهذا المشروع المقترح مشاركة من المواطنين لتحقيق مبدأ الاجتماع، واليد الواحدة، والقلب الواحد، والتضامن الأخوي، والتلاحم بين القيادة والمواطنين، وهو من التعاون على البر والتقوى الذي أمرنا به الله -عز وجل-. ونحن في شهر رمضان المبارك شهر الجود والخير والإحسان، أتمنى أن يكون فرصة مباركة لإعلان هذا الوقف وانطلاقته بأمر ملكي كريم، ورعاية من يد الخير والعطاء صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، وهو الحريص على أسر الشهداء، ورسم السعادة والاطمئنان عليهم.