سهوب بغدادي
تعني الدبلوماسية باختصار (فن الإقناع والتفاوض)فيما تأتي الإستراتيجية في المقابل (فن الإكراه)، حيث لا تخرج كل من الدبلوماسية والإستراتيجية من بوتقة الفن وتطبيقه لتحقيق الغاية الأسمى للسياسة ألا وهي الوفاق الداخلي والأمن الخارجي. ويمكننا تمثيل الدبلوماسية بنهج الثعلب والإستراتيجية بنهج الأسد فإن لم تحقق الأولى الأهداف المرجوة سيأتي الأسلوب المكمل لها -الإستراتيجية- تباعاً فكلاهما أداتان متكاملتان تخدمان هدفاً واحداً. بطبيعة الحال توجد العديد من مستويات الدبلوماسية من حيث القوة والتأثير ومدى الرسمية في التعامل، حيث ترتب مستوياتها مستندة إلى الطاقات القومية في المجالات المنوطة بالعمل وصولاً إلى الإستراتيجية التي تستند على القوة والوضوح.
من الجدير بالذكر أن الدبلوماسية العامة (الشعبية )- توظّف منصات ووسائل الإعلام بقنواتها المختلفة للتأثير على الرأي العام في المجتمعات الخارجية وكذلك الاتصال المباشر بالأفراد والتأثير على أفكارهم وتوجهاتهم من خلال المواد والأنشطة التي يتم توجيهها إلى الدول الأخرى في كل من مجالات التعليم والفن والتقنية والثقافة مما ينتج عنه التأثير على حكوماتهم بشكل غير مباشر. ولنا في تجربة الابتعاث خير مثال في تصدير العقول النيّرة إلى الخارج وإحلال صور إيجابية ومشرِّفة عن المملكة ومن ثم استعادتها عقب الاستزادة من العلم والمعارف والثقافة وما إلى ذلك. كما لفت انتباهي في رمضاننا هذا برنامج (لأبو الهش) يعرض على القناة السعودية يمتاز بخفة الدم بلا شك، وأُكبر فيه اختيار مواقع تصوير البرنامج التي امتازت بالتنوّع بين المنطقة الشرقية والغربية والعاصمة الرياض، فمثل هذه البرامج الترفيهية أو الهادفة على حد سواء تعد قوة ناعمة ثقافية وفنية وتعتبر وسيلة لا يستهان بها لتشجيع السياحة على غرار المسلسلات الدرامية التي روّجت بشكل واسع للسياحة في تركيا ونجحت - للأسف-. ومن الجدير بالذكر أن مصطلح الدبلوماسية العامة أشمل من مصطلح القوة الناعمة الذي استحدثه جوزيف ناي. يتجلّى من السابق أن الأفراد والمؤسسات في المملكة يسعون جاهدين لعمل مبادرات وأنشطة تعكس الصورة الحقيقية والإيجابية للوطن إلا أنه من الأجدر إنشاء مجلس سعودي للدبلوماسية العامة، حيث يتم تعيين عضو من كل وزارة وهيئة سعودية لتكثيف وتقنين الجهود لتعزيز الصورة الذهنية الإيجابية عن المملكة في الداخل والخارج.