أمل بنت فهد
معظم العلاقات كالموج، بين صعود وهبوط، بين شد وجذب، بين يوم صافٍ هادئ، وآخر هائج مضطرب، لا يمكنها أن تبقى على وضع محدد دائماً، مهما بذلت، ومهما تعبت، لكنها لا بد أن تصل لمستوى من الإرضاء، والإشباع، والمشاركة، وهذا المستوى تحدده أنت والشريك بحسب نسبة الاحتياج لكل واحد منكم، ليكون البقاء ممكناً، والتمسك حاضراً.
قد تجنح في فترة الركود، أو الاضطراب، للفت النظر إليك، والمطالبة بحاجتك، أو التعبير عما يزعجك، أو كرد فعل طبيعي لشعورك بالإهمال، أن توضح ذلك إما بالحوار، أو افتعال التباعد لحين عودة الموج إلى حالة تسمح بالتعاطي مع الشريك، لكن أحياناً مثلما يكون الإنسان متطرفاً في الحب، فإنه متطرف بالعقاب، لأنه حين تجتاحه مشاعر الغضب، يحرق ولا يفكر، وينسى أنه لا بد سيهدأ، وحين يتشافى من غضبه، فإنه عرضة لهجمات الحنين التي تتناقض تماماً مع فورة الغضب التي كانت أكيدة من النهاية، سيكون حينها أكثر تفهماً، وقادرًا على تجاوز ما حدث، ومستعدًا للمسامحة.
لكن حين يسمح لغضبه أن يكون منفلتاً، وهادراً، وجارحاً، ومحطماً كل ما يعترض جنونه اللحظي، فإنه كمن يدمر مدينة بأهلها، وحضارتها، ويسحق ما فيها، على أمل أن يحكمها! فماذا سيحكم غير الرماد، والقبور؟
حين تسمح لنفسك أن تحطم الآخر، لن تعود العلاقة كما كانت، ستكون مصابة، ومريضة، ونازفة، ويصعب إنعاشها.
حتى حين تقرر أن تعاقب، لا بد أن يكون عقاباً ليس مميتاً للعلاقة، بمعنى إياك أن تتخلى عن واجباتك تجاه الشريك، فرق بين الحرمان من بعض الامتيازات، والحرمان من الحقوق، فالأول يمكن أن يكون له أثر في توضيح مدى تضحياتك، أو كرمك، أما الآخر فإنه تخلٍ وترك وظلم، وعقاب أكثر من الذنب الذي اقترفه الشريك بمراحل.
باختصار لا تترك فراغاً كبيراً أو احتياجاً مؤلماً، لأنه غالباً لن يبقى فارغاً دونك، فلا تكن سبباً في الاستغناء عنك وذاك يشمل علاقتك بنفسك، وعلاقتك بالشريك أياً كان الطرف الآخر.