«الجزيرة» - متابعة - محمد المنيف:
حينما تتكاتف الجهود ويكون خلفها جهات عالية القدرة برجالها المؤتمنين على تحقيق الأهداف فإن النجاح سيكون حليف أي تحرك نحو الارتقاء باسم الوطن. وفي كل القطاعات في عهد رسم للوطن خط سيره الآمن الحر دون منغصات تعيق تقدمه أو تحبط طموح أبنائه بقيادة أخذت من الماضي تجارب الكبار وتنظر للمستقبل بعقول الشباب يقودها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وينفذها ولي العهد الأمين بطموح عال الهمة استمد مقومات كتابة تاريخ الوطن القادمة من قيم دينه الإسلامي وثقة في شعب يطمح في المعالي فكانت رؤية (2030) التي لم تتكتل أو تتحزب، بل شملت كل مصالح الوطن والمواطن الكبير قبل الصغير رجلاً أو امرأة.. تردد صدى التغيير الذي أطلقت من أجله في كل أذن وبرزت معالمه في كل عين يفخر بها كل سعودي في كل موقع قدم له على مستوى العالم.
مؤسسة مسك الخيرية ورعاية الإبداع
وإذا كانت الرؤية ترتكز على الاقتصاد والأمن والتعليم والصحة لتأمين العيش الكريم للمواطن فإن لكل مجال من مجالات الحياة لمتعلقة بالإبداع مكاناً ومكانة في الرؤية وفي قلب قائدها ملك البلاد وفي عقل منفذها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان -حفظهما الله - اللذين يحرصان على تقديم السبل وتسهيلها لشباب الوطن كل في تخصصة وميوله، ومن ذلك تأسيس مؤسسة مسك الخيرية غير الربحية التي أسسها سمو ولي لعهد للتشجيع على التعلّم وتنمية المهارات القيادية لدى الشباب من أجل مستقبل أفضل في المملكة العربية السعودية. تشكّل المؤسسة شجرة مثمرة بكل ثمار الثقافة والفعاليات العلمية والتعليمية، حيث انبثق منها فرع يانع باسم (مسك للفنون) ومن ثمرة أيضاً (معهد مسك للفنون) التي أشاعت الثقافة ونثرت عبيرها بكل فنونها في كل موقع في الوطن وخارجه تكملها وتشاركها وزارة الثقافة التي أطلقت إستراتيجيتها مؤخراً بقيادة وزيرها سمو الأمير بدر آل فرحان فكان الحضور الدولي للمملكة وللمرة الثالثة في بينالي فينيسيا البندقية.
ضمن إستراتيجية وزارة
الثقافة وتنفيذ معهد مسك
وقبل أيام وضمن التحرك الثقافي نحو العالم وفي موقع تتزاحم مختلف الدول وتتنافس على أن يكون لها فيه موقع قدم قام الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان وزير الثقافة رئيس مجلس إدارة معهد مسك للفنون التابع لمؤسسة محمد بن سلمان (مسك الخيرية) والمنبثق من مركز مبادرات مسك الذي يديره معالي الأستاذ بدر العساكر، بافتتاح جناح المملكة العربية السعودية المشارك في فعاليات الدورة الثامنة والخمسين لمهرجان البندقية للفنون الذي قام بتنفيذه معهد مسك للفنون بإشراف من وزارة الثقافة، حضر الافتتاح عدد من المسؤولين عن البينالي تتقدمهم معالي وزيرة الثقافة وتنمية المعرفة بدولة الإمارات العربية المتحدة الأستاذة نورة بنت محمد الكعبي، إضافة إلى الفنانين المشاركين في المهرجان، وقام الجميع بجولة على جناح المملكة، استمعوا خلال الجولة على مشروع العمل الذي قدمته الفنانة الدكتورة زهرة الغامدي، والمكون من 50 ألف قطعة، ويحمل عنوان «بعد توهم..» ويعني الاحتمالات اللا نهائية للوصول إلى الهدف ومعرفة الذات، بعد مراحل الشك وعدم اليقين، في محاولة لاستعادة الثقة والتفاؤل والسعي وراء فهم «العيش في أوقات مثيرة للاهتمام»، وهي الفكرة التي تستثير حتماً وباستمرار الغموض الكامن في مصطلح «مثير»، حيث عكس المعرض الحالة السعودية تاريخياً وثقافياً ومراحل تطور ذلك بالأدلة البصرية، لمواجهة أي أفكار تحصر أهمية السعودية في لحظات محدودة.
الجدير بالذكر أن اختيار الفنانة الدكتورة زهرة الغامدي لتمثيل المملكة في معرض «بينالي البندقية 2019» في إيطاليا، جاء نتيجة لقدرتها على تحويل الحــــرف التقليديـة إلى فن معاصر، من خلال العديد من التجارب والغوص في أبعاد الفكرة فالدكتورة زهرة الغامدي حاصلة على بكالوريوس فنون إسلامية- مع مرتبة الشرف الأولى عام (2003)، ودرجة الماجستير (الحرف المعاصرة) من جامعة كوفنتري في المملكة المتحدة مع مرتبة الشرف في عام 2009، والدكتوراه في التصميم والفنون البصرية في الجامعة في بريطانيا، وهي أستاذة مساعدة بكلية الفنون والتصميم - جامعة الملك عبدالعزيز.
ونحمل سيرتها الفنية العديد من المساهمات منها معرض المصممين الجدد في لندن عام 2009، ومعرض تسامي في جدة عام 2015، ومعرض جولد مور في جدة عام 2016، ومعرض دبي للفنون عام 2016، وشاركت في عمل فني مؤخراً في مهرجان شتاء طنطورة تحت اسم نمو يتسارع.
حضور مشرِّف للفن السعودي في مراحل سابقة
هذا الحضور الجديد للمملكة في بينالي فينيسيا البندقية الذي تولته وزارة الثقافة بإشراف ومتابعة من سمو وزير الثقافة الأمير بدر آل فرحان وبتنفيذ من معهد مسك يأتي كحلقة جديدة في سلسلة التحرك الثقافي السعودي نحو العالم، فقد كان للمملكة حضور مشرّف ومثير للإعجاب ولافت لأنظار المعنيين بكل ما يتعلّق بالفنون البصرية والمعمارية في بينالي فينيسيا الذي يُعد من أعرق المعارض الأوروبية للفنون المعاصرة.
ففي عام (2011) حقق العمل الفني «الفلك الأسود» للأختين الفنانة شادية عالم والأديبة رجاء عالم حضوراً متميزاً بين الأعمال الفنية العالمية المعروضة، حيث تواصلت تغطيات الجناح في كبريات الصحف العالمية، والمجلات الفنية المتخصصة.
إن هذا العمل الذي يرتكز على عالمية مكة المكرمة وثرائها الثقافي واحتضانها لثقافات الشعوب الإسلامية، يؤكّد أهمية الانفتاح على العالم ويدعو إلى التواصل الحضاري بين الثقافات.
معهد مسك وأول مشاركة بعد إنشائه
كما قدَّم معهد مسك للفنون عام (2018) فينيسيا البندقية بمشاركة شابة وطموحة لفتت الأنظار في جناح السعودية في بينالي البندقية تمزج بين الفكر الشاب وعراقة الحدث العالمي الذي يُقام في إيطاليا وتشارك فيه 60 دولة.
حيث جاءت المشاركة بمثابة استكشاف لمفهوم «المساحة الحرة» وهو الموضوع الرئيسي في معرض «بينالي البندقية للعمارة 2018» عبر مشروع متكامل يحمل عنوان «الفضاءات البينية». الجناح من تنسيق جواهر السديري الباحثة المعمارية ومديرة مركز للأبحاث مع الدكتورة سمية السليمان عميدة كلية التصاميم بجامعة الإمام عبد الرحمن بن فيصل، وتولى المهندسان تركي وعبد الرحمن قزاز مؤسسا إستوديو «بريك لاب»، فحص الآثار الاجتماعية للهندسة المعمارية.
وزارة الثقافة ومسك
للفنون تلاحم وبعد نظر
مع إشراقة كل يوم من أيام رؤية (2030) يزيح الوطن الستارة عن مشاريع ومبادرات تشمل كل متطلبات المواطن وتحرّك الساكن وتدفع بالهمم والطموحات، ومن تلك المبادرات أو ثمار الرؤية ما تقدّمه مسك للفنون ومعهد مسك وما يستشرف من التفاؤل بكل ما تقدّمه وزارة الثقافة من خلال إستراتيجية مستدامة عبر كيانات مليئة بالمعطيات والعطاءات وما تم من تلاحم بين مسك للفنون ومعهد مسك ووزارة الثقافة يجعل كل مبدع يشعر أن مستقبل إبداعه في خط آمن يرى من خلاله آفاق ومستقبل إبداعه.