علي الصحن
جاء بافيتيمبي غوميز للهلال واسمه وشهرته تسبقانه إلى الرياض، وبالفعل قدَّم نفسه مع الهلال كلاعب مختلف، وسجَّل بداية قوية مع الفريق أسهم من خلالها بحسم العديد من المواجهات، وبدا أنه الحل المنتظر لمشكلة الهداف التي عانى منها فريقه طويلا، قبل أن يحقق شعبية كبيرة في المدرج الأزرق.
مع مرور المنافسات تغير اللاعب تماماً، وأصبح دواء العلة عالة على الفريق، غاب اللاعب الماهر المبصر لطريق المرمى جيداً، وحضر لاعب آخر مختلف، ثقيل بطيء كأنما كُبِّلت قدماه بأكياس رمل، وأصبح المشجع الذي يصفق إعجاباً بغوميز يصفق كفاً بكف وهو يتساءل إلى أين ذهب اللاعب؟ ولماذا توارى النجم وإن بقي الجسد داخل الملعب؟
بالنسبة لي أرى أن ثمة أسباباً وراء غياب غوميز الغريب، وهي أسباب تتقاطع داخل الملعب وخارجه، أسباب فنية وأخرى نفسية، أسباب لو حدثت لأي لاعب لحدث له نفس الشيء، أسباب يجب أن يدرسها الهلاليون قبل اتخاذ قرار نهائي يتعلق باستمرار اللاعب أو بدء المشوار الصعب والبحث عن لاعب آخر يعوضه الموسم القادم الذي يستهله الفريق بثمن النهائي الآسيوي الصعب.
الأسباب الفنية : يأتي تغيير المدربين وطرق اللعب وغياب الإمداد الكافي كأهم أسباب تراجع مستوى اللاعب وقيمته الفنية، لكن هذا لا يكفي لتبرير كل هذا الهبوط في مستوى اللاعب، خاصة عندما يكون بتاريخ وقدرات بافيتيمبي غوميز التي شهد لها الجميع.
هناك أسباب أخرى بالتأكيد، تأتي عندما تنقل اللاعب إلى خارج الملعب وتشغله بأمور ثانوية، ويختلف حجم تأثيرها من لاعب لآخر.
مثلا.. كان غوميز متفرغاً للملعب وخدمة فريقه داخله، وكان الحديث عن حرصه على التمارين اليومية حتى في أيام الإجازات، كان الجميع يتحدث عن اللاعب القدوة للاعبين الشباب، وكيف أنه يعطي وفي هذا العمر كشاب في منتصف العشرينات من العمر.
لكن.. وفي عز المنافسات والحضور الذهني للاعب داخل الملعب يتم نقله بشكل غريب خارج الملعب، مرة بحكاية النار والقهوة و( الشيخ غوميز ) ومرة بإشغاله بأحداث خارج الملعب، وبطريقة فرحته، واستقبالاته قبل بعض المباريات (وهنا لست ضد أن يلتقي اللاعب بمعجبيه أو بمشجع صار فجأة حديث الناس)، ولكن كل شيء يجب أن يكون بتقنين وفي النادي وليس قبل المباريات أو بين شوطيها.
كان الواجب على إدارة الكرة - وهي المعنية بشكل مباشر بهذه الأمور - أن تتعامل مع اللاعب - وأي لاعب - بطريقة مناسبة، كل لاعب له طقوسه وأجواؤه وتفكيره المختلف، وكل لاعب له أسلوب احتواء مختلف، من أجل تحقيق النجاح بأعلى درجاته، وهذا من أهم واجبات إدارة الكرة التي يجب أن يتجاوز دورها ضبط الحضور والانصراف وتعبئة ورقة التغيير وغيرها من الأمور الروتينية اليومية.
كان الهلاليون موعودين بنجم مختلف، لكن التعامل الفني والإداري مع قوميز، وأد الحلم الجميل في منتصفه، وغيب اللاعب تماماً في مراحل الحسم، وحرم الفريق تحقيق الفائدة الكاملة منه، واليوم لم يعد أكثر الهلاليين قلقاً على مستقبل قوميز مع الفريق، وهو الأمر الذي كان كل هلالي يطالب بأن يكون تجديد العقد من أولويات التحضير للموسم المقبل. ولعل البداية تكون بعلاج الأسباب وإحداث تغيير إداري شامل تكون نتائجه القدرة على التعامل المناسب مع النجوم وخلق الأجواء المساعدة على مواصل تألقهم وحضورهم الفني الجيد.