«الجزيرة» - عوض مانع القحطاني:
أنهت ندوة «منهجيات وأُطر البناء.. الرسائل الإعلامية لمواجهة الإرهاب»، التي عُقدت مؤخرًا بمقر أمانة التحالف الإسلامي العسكري، اجتماعاتها من قِبل المشاركين في هذه الندوة من الخبراء والباحثين.
وقال اللواء الطيار الركن محمد المغيدي الأمين العام للتحالف في كلمته الافتتاحية للندوة إنها كانت تستهدف تكوين منبر علمي ومعرفي مهم لتبادل الأفكار حول محاربة الإرهاب، ومكافحة الفكر المتطرف العنيف، من خلال حملات إعلامية مضادة، تبطل حججه، وتفضح أوهامه ومزاعمه، وتستثمر الإعلام لمحاربة الدعايات المتطرفة، وكشف أساليب.
وأكد الأمين العام للتحالف أن الحرب على الإرهاب أكثر من مجرد مواجهة عسكرية؛ فهي حرب أفكار وقيم وتصورات؛ فالجماعات الإرهابية تعتمد نهجًا استراتيجيًّا لإذكاء التطرف، وتجنيد الأتباع من خلال منصات الإعلام. وتشير تجارب محاربة الإرهاب إلى أن الطريقة الأكثر فاعلية لهزيمته هي هدم مرتكزات الخطاب الإرهابي بكشف أكاذيبه، وتوعية الجماهير بحقيقته ومخاطره.
وقال اللواء المغيدي: إن المواجهات العسكرية والأمنية التي جرت مع التنظيمات الإرهابية انتهت بهزيمتها، لكن تلك الهزيمة ليست النهاية؛ فاجتثاث الإرهاب يبدأ بقطع أذرعه التدميرية كمهمة عاجلة، وينتهي بالقضاء على أفكاره التخريبية كمهمة طويلة الأمد.
وقد التزم التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب بأن يسهم في كلتا المهمتين، وهو -بإذن الله- عازم على دحر الإرهاب، وتحقيق الأمن والاستقرار. وقد ترأس هذه الندوة الدكتور عبد القادر الفنتوخ الرئيس التنفيذي الاستراتيجي للمجموعة السعودية للأبحاث والتسويق، ومهد للموضوع باستعراض أهمية وضع منهجيات وأُطر مناسبة، تمكِّن الإعلام من بناء رسائل مؤثرة في مواجهة الإرهاب، وتحقيق معالجة علمية للخطاب الإرهابي المتطرف، تفقده القدرة على التأثير والجذب.كما أشار إلى جهود متعددة في ذلك، منها تكوين شركات التقنية العالمية الكبرى منتدى الإنترنت العالمي لمكافحة الإرهاب لمنع نشر الدعاية الإرهابية وفق برامج وآليات تمنع نشر المحتوى المتطرف، وإزالته بأسرع وقت ممكن.
وقد ناقشت الندوة أربع أوراق عمل؛ إذ عرض الدكتور محمد الحيزان عضو مجلس الشورى أستاذ الإعلام في جامعة الإمام محمد بن سعود ورقة بعنوان (أُطر ومنهجية التغطية الإعلامية لأخبار الإرهاب)، أشار فيها إلى العلاقة التكافلية بين الإعلام والإرهاب، وأكد أن التغطية الإعلامية للإرهاب توجب التعامل مع المعايير المهنية للإعلام على نحو يسهم في تضافر جهود الإعلام مع الجهات المسؤولة عن محاربة الإرهاب.
كما قدَّم الدكتور فالح الرويلي الباحث البحريني المختص في شؤون التطرف والإرهاب ورقة بعنوان (مواصفات الرسالة الإعلامية المناهضة للتطرف والإرهاب)، تناول خلالها استخدام التنظيمات الإرهابية المبكر لشبكة الإنترنت في بث أفكارها عبر المنتديات الحوارية، ونشر المقاطع الصوتية، واليوتيوب، واستغلالها منصات ومواقع التواصل الاجتماعي في عمليات التجنيد. وحلل الرويلي بنية الرسالة الإعلامية لدى هذه التنظيمات، وشرائحها المستهدفة. كما استعرض نماذج لرسائل إعلامية بناءة وإيجابية كابحة للتطرف والإرهاب.
وعرض الدكتور محمد العظامات مؤسس المركز الأردني لمكافحة التطرف الفكري ومديره السابق ورقة بعنوان (آليات تفريغ الخطاب المتطرف من محتواه)، تناول فيها بالنقد والتحليل التعاطي الإعلامي مع ظاهرة الإرهاب من خلال الخطاب الديني المعتدل في مواجهة الخطاب المتطرف. ودعا إلى منهجية وإطار جديد للخطاب الإعلامي الموجه ضد الإرهاب، يستند إلى نتائج الدراسات والأبحاث العلمية، ويتجنب التعاطي والسجال الديني مع الخطاب المتطرف، وينتقل من الدفاع عن الدين إلى مهاجمة الإرهاب، ويحدد بدقة الفئات التي تستهدفها الرسالة الإعلامية المناهضة للإرهاب، ويتسم بالمرونة والتجدد والانفتاح.
وقدَّم الدكتور الخضر عبد الباقي أستاذ الإعلام الدولي مدير المركز النيجيري للبحوث العربية ورقة بعنوان (نماذج عملية لبرامج إعلامية مناهضة للتطرف والإرهاب)، تناول خلالها الجهود الإعلامية المبذولة لمحاربة الإرهاب، واستعرض نماذج لبرامج إعلامية في مناهضة الإرهاب.
وخلص المشاركون في الندوة إلى عدد من التوصيات، أبرزها:
* العناية بمجال التحليل الإعلامي في محاربة الإرهاب من الناحية النظرية عبر مبادرة تضع معالم علمية، تواكب العمل المهني الإعلامي، وتهيئ لتدريب نظري وميداني للمحللين لتمثيل مركز التحالف أو الدول الأعضاء في وسائل الإعلام.
* أن يتبنى مركز التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب قاعدة معلومات متعددة اللغات، تتضمن الخبراء ذوي المهارة والقدرات الاتصالية العالية، ومد جسور التواصل مع الوسائل العالمية والإقليمية والمحلية لإيصال الرسائل بصورة فعالة وقوية.
* العمل عبر مبادرة متخصصة على التأسيس لمنهجية علمية رصينة للمعالجات الإعلامية لمناهضة الإرهاب، تقدم دليلاً إرشاديًّا، يمكن أن تستفيد منه الجهات الإعلامية في دول التحالف.
* رصد تجارب الدول أعضاء التحالف في المجال الإعلامي الإرهابي، وتحليلها للإفادة من الإبداع والتميز في الأنشطة الإعلامية، وتلافي أوجه القصور، خاصة في مجال مواجهة الأنشطة الإعلامية للجماعات الإرهابية.
* الحد من الترويج الإعلامي غير المقصود للجماعات الإرهابية عبر وضع آليات ضبط المصطلحات المتعلقة بالإرهاب.
* تجهيز مبادرات للتواصل والاتفاق مع منتدى الإنترنت العالمي لمواجهة الإرهاب لإيجاد حلول للرسائل الإعلامية الإرهابية، والحد من أثرها.