سعد بن عبدالقادر القويعي
تحريك الآسن من مراجعات الفكر، -سواء- بالرد على الأخطاء، أو بتصحيح المسار العام، يعد تحولاً عمليًا مضادًا في اتجاه مختلف؛ نتيجة القدرة على الحفر المعرفي الغزير، أو الرؤية التحريرية الواسعة للكم الهائل من الاجتهادات، والقدرة على التأسيس العصري المختلف؛ كونها زاوجت بين النص، والواقع في توازن إيجابي نافع؛ الأمر الذي سيعني أن عملية المراجعات - الفكرية والتصورية -، هي عملية منهجية ملازمة من إقامة الوسطية، والاعتدال، والمحافظة عليهما، والنظر في موافقتهما الحق؛ إذ لا أحد يرضى أن يكون للباطل نصير، أو أن يجعل من حياته نهبًا لأفكار منحرفة.
تعديل ما ينبغي تعديله، وإضافة ما ينبغي إضافته، وربما إسقاط ما ينبغي إسقاطه، هو إبقاء في مضمار الوعي، وصراع الأفكار، واتجاه الحركات، الذي سيسمح لتلك المراجعات بالخروج من مأزقها، والانفتاح نحو أفق فكري مختلف، وإنتاج اجتهادات عميقة، تمس بنية العقل الإسلامي النقلي، وإنتاجه، والعمل على تأسيس، وتطوير الأفكار، والاجتهادات لتحول جذري، سيكون أوسع، وأشمل من أن تبلغ الأفكار درجة العقيدة، والإيمان، أو الانجرار إلى دعوات تزين الجمود، وتحض على التشبث بالأفكار؛ حتى وإن جانبت الصواب.
بناء المراجعات الفكرية يعتمد على الحراك الدائم، والتغير المستمر، والتقلب بين الأحوال، هو من طبيعة التاريخ؛ ولأنه يستند إلى أحكام الإسلام، ومقاصده، وقيمه المستنبطة؛ بناء على القواعد الأصولية المعتبرة لدى علماء المسلمين، فإنه سيكون محكومًا بقوى الأمر الواقع، ومنها -الجغرافيا والتاريخ-، وموازين القوى، وعدا ذلك سيفتقد المراجع فهمه الحقيقي لحركة المراجعات، والميكانيزمات المحركة لها، والحاكمة لمسارها، -وبالتالي- سيكون بعيدًا عن تكوين الآراء المستقلة، والقناعات الفاعلة، التي تتولد؛ نتيجة عقل مقيد، يعتقد بتأثير العاطفة، دون تأثير البرهان، والدليل.