د. عبدالرحمن الشلاش
ماذا يعني أن نكون واقعيين في تشخيصنا لمشكلاتنا، وفي نظرتنا لكل الأمور التي تدور حولنا، ثم في طرحنا للتصورات أو الحلول؟ سؤال مهم يطرح نفسه بقوة أمام ما نشاهده وما نسمعه وكذلك ما نقرأه من طرح يجنح بعض الأحيان إلى المبالغة في المديح والإطراء لاعتبارات شخصية أو محاولة التقرب للظفر بمصالح دون مراعاة لمصالح عامة، أو بذل جهد فكري لحل مشكلات شائكة. بعض الأحيان يتخذ مثل هذا الطرح جانب النقد غير الموضوعي بلبوس القسوة وجلد الآخرين.
قليل جدًا الطرح الواقعي الموضوعي في بعض الوسائل الإعلامية، أو مواقع التواصل الاجتماعي. يصفق لمسؤول قادم فيوصف بأنه المخلص وعلى يديه ستحل المعضلات وفي نفس الوقت ستسمع كثيرًا من النقد لهذا المسؤول والتحذير منه وأنه غير مؤهل، بعد فترة قليلة من تولي المسؤول قد تتحول الآراء للاتجاه المعاكس تماما وبزاوية مقدارها 180 درجة، والسبب أن تلك الآراء افتقدت في بداياتها للنظرة الواقعية البعيدة عن الخيال والتوقعات المبنية على أساس شخصي وليس علمي موضوعي.
الواقعي أكثر قدرة على قراءة المشهد بكل أبعاده قراءة متأنية غير متسرعة. كثير من الأفكار التي تحولت إلى مشروعات على أرض الواقع شهدت في بدايات إطلاقها مبالغات في الثناء لكن ما لبثت تلك المشروعات أن أصبحت في ذمة التاريخ وأثرًا بعد عين والسبب أن من اقترحها لم يتعامل مع الواقع بما فيه من إمكانات أو حتى صعوبات قد تعترض التطبيق، ومن قرأها من أهل الفكر والرأي لم يحسن التشخيص ولم يتوصل للرأي الصائب. حدث هذا في موضوعات تتعلق بالتعليم والتجارة، وفي قضايا البطالة والتوظيف وفي موضوعات تتعلق بالصحة والاستقدام وغيرها!
بعض الطرح يفتقد للمصداقية وهناك طرح فيه قسوة وإجحاف بحق من يقدمون الإنجازات وطرح يحمل المبالغة والسبب في ذلك افتقاد من يطرحون للمهنية المطلوبة. تغيير الرأي بشكل مفاجئ في قضايا حساسة تؤدي إلى إرباك أصحاب الصغيرة أو القاصرة خاصة ومجتمعنا يعبر بسرعة لمرحلة مختلفة تمامًا عن مرحلة الجمود والتشدد وهي مرحلة تستدعي نوعية مختلفة من الطرح تتسم بالثبات والواقعية والموضوعية ممزوجة بالروح الوطنية.