فهد بن جليد
لا أؤمن بأنَّ الصُدفة وحدها تكتب النجاح، بل يلزمها رغبة وعمل وإصرار وبعد ذلك توفيق من الله، لذا أكذب عبارة يمكن أن تسمعها في مُقابلة تلفزيونية مع نجم أو مشهور هذه الأيام هي: «أنا دخلت المجال هذا بالصدفة»، ولا أعرف عن أي صدفة يتحدث هؤلاء المشاهير؟ مُحاولة إضافة أنَّ القدر والحظ هما من صنعا نجومية أو شهرة هذا الإنسان أو ذاك - برأيي- ضرب من الوهم والهروب للأمام لإحباط المُتابعين بأنَّه يجب الاعتماد على الحظ وحده، وقد ابتلينا بمثل هذا الفكر في مُعظم المقابلات التلفزيونية خصوصاً في «الثلث الأول» من الشهر الكريم، الذي خرجت علينا فيه مجموعة من الأسماء التي تتحدث عن دور الصدفة في مسيرتهم وحياتهم على طريقة تواجدت في المكان الخطأ وأنقذت الموقف، فأُعجبَ بي الناس وحققت النجاح والشهرة، أو قابلت المُنتج الفلاني صدفة فعرض علي الدخول في هذا المجال لأبدأ أولى الخطوات، وأتمنى أن نكتفي بما سمعنا فيما بقي من مُقابلات مع النجوم على شاشة رمضان.
في فضاء الإعلام والفن الأمور مُخيفة لناحية صناعة النجوم، خصوصاً مع تدخل المُنتجين لإنجاح بعض الأسماء -لأهداف تجارية بحتة- نتيجة عقود الاحتكار أو التفاهمات والمُحاصصة على نسب الإعلانات والأجور والحفلات الغنائية للمُطربين وغيرهم، وهو أمر مقيت ونوع من الوصاية على ذائقة المُشاهد بتسويق قائمة مُحدَّدة من الأسماء في معظم الأعمال الفنية والغنائية، وللأسف نحن كمُتابعين من ندفع الثمن مع ضعف ورتابة مستوى الإنتاج الفني وعدم تقديم ما نستحق، بإغلاق الباب أمام دخول أو انضمام أي من المواهب الجديدة، إلا عن طريقة «الصُدفة» التي يختلقها المنتجون وأعوانهم ولا يجب الاقتناع بها في كل مرة، خصوصاً مع عدم وجود معهد عالي للفنون لدينا يمكنه تخريج أجيال جديدة في مُختلف التخصصات الفنية، ليضمن على الأقل نوعا من العدالة في منح الفُرص لبروز المواهب الحقيقية بدلاً من خيبات بعض المُنتجين ومزاجيتهم واستغلالهم لمن يريد دخول المجال.
- برأيي- لن يتطور إنتاجنا إلا بتخلصنا من داء «الصُدفة» الذي ابتلينا به، واستبداله بخطط لصناعة النجوم مُنذ الصغر، منصات التواصل الاجتماعي قلبت المُعادلة أو هكذا كنا نعتقد، بإسقاط النجومية الزائفة لبعض الأسماء المُحنَّطة في مجال الشهرة وتقديم أخرى شابة، ولكن الحقيقة أنَّها خلفت ضرَّراً جديداً لناحية صعود أسماء وشخصيات فارغة دون محتوى، عاود المُنتجون استغلال شهرتهم وعدد مُتابعيهم من جديد وإضافتهم للقائمة التلفزيونية بفتح المجال لهم على الطريقة التجارية الأولى، وهو ما سيجعل فضاءنا يسبح في فلك «نجوم الصدفة» لتتنفخ «جيوب المنتجين» بالصدفة أيضاً.
وعلى دروب الخير نلتقي.