د. خيرية السقاف
وتمضي..
يا رمضان كأنك عابر راحل، تقف في محطةٍ للحظات..
تُـنزلُ بضاعتك بالمستقبلين..
وما تلبث أن تغادرها حاملا معك ما استودعوك إياه..
كيف هي حمولتك منهم؟..
وكيف كانت التي جئتهم بها معهم؟!..
عشرة أيام ثلث مدة زيارتك انقضت،
والباقيات كأنك تلوِّح بانقضائها..
طريقك قصير، غير أنه لمستقبلينك كما اللمحة !..
ما أن يأخذوا منك ويعطوك، تكون قد أطلقت صافرة قطارك..
في الوجوه لمحة حزن، والحزن على فراقك بيانٌ،
في لهجات الخافق حيث يتحول ليلك لخلوات النفس، ونهاراتك مضمارا للتأمل!!..
وبين ضحاك تشدو العصافير لا تتأخر عن الشجر،
وترتهج ينابيع الماء لا تجف عن السقيا..
كل شيء في العشرة مضى،
ولقمة عند آذان مغاربك عديلة الأخرى عند نداء صباحاتك !..
كلك خير يتدفق، وسرور ينزل..
إيه يا رمضان،
هذه الذوات على مشارف النقاء ترشف عذب أقداح تهذيبك..
وهذه الصدور في براح مداك تغتسل من دكنها..
والقلوب واجفة.. لا تمض،
تمهل على رسلك..
فكم من الكلام في الأفواه
وكم من الحديث في الصدور..
وأنت بعد لم تصغ بعد إليه..
ونحن الذين نتململ في الإفضاء إليك خجلين من العجز،
متمسكين بحبال الوصل..
مدركين رسالتك، شغوفين باستيعابها
طامحين في اجتياز عنقها لبراح القبول، وخضرة الرضا!!..
لله درك يا رمضان،
حتى في لحظات انسلالك نحو الرحيل
تمسك بتلابيبنا، لا تمسح دموعنا..
وصافرة قطارك تأذن برحيلك!!..