فهد بن جليد
مُعظم المرضى حول العالم يتجنبوا الذهاب للمستشفيات في شهري يوليو وأغسطس من كل عام إلا في الحالات القصوى، لأنَّه موعد مُباشرة الأطباء الجُدد من حديثي التخرج لمهامهم ومزاولة العمل الطبي في العيادات، وهناك «مقولات شعبية» في أمريكا وأوروبا تصف موسم مباشرة هؤلاء الأطباء بأنَّه السبب في تزايد الوفيات والأخطاء الطبية، الغريب أنَّ هذه القاعدة تُطبَّق فقط على التخصصات الطبية العامة التي تعتمد على الخبرة في التشخيص وكفاءة وتجربة الطبيب، بعكس عيادات التجميل التي يُعتمد فيها على المدارس العلاجية الجديدة التي يتخرج منها الأطباء الجُدد، والتي تستخدم الأجهزة الأكثر تقدماً والطُرق الأسرع أثراً والأقل خطراً، ولا أعتقد أنَّ مثل هذا المفهوم السائد والتطيُّر عند أبناء العم سام، موجود في مُجتمعاتنا العربية الأصيلة والقوية، فنحن نُطلق على طالب الطب «دكتور» حتى وهو في سنته الأولى, وقد نستشيره ونطلب منه وصفة علاجية.
الأطباء الناجحون اليوم في «عمليات التجميل» والذين يمتلكون عيادات خاصة ومُستقلة، هم القدوة التي يحلم بها مُعظم طلاب كليات الطب، الذين بدأوا يتحولون من التخصصات النادرة والهامة للجراحات المُعقَّدة والهامة، إلى التفكير في تخصصات مُربحة مثل الجلدية ونحوها، وعين بعضهم حتى وهم على - مقاعد الدراسة - ليست على العمل في مستشفى حكومي وتقديم الخدمة المطلوبة للمُجتمع والتي هي واجب كل طبيب تجاه مُجتمعه وبلده الذي علمه ودرسه وأهله -رغم الميزات المالية الكبيرة للأطباء- بل هم يرقبون ويحلمون بعياداتهم الخاصة المُستقلة والمُربحة مادياً و»بابها الرئيس» هو كل تخصص مُرتبط بالتجميل بشكل مُباشر أو غير مُباشر، وعلى ذات النهج التجاري لكثير ممن سبقوهم، ما يعني أنَّ الأمر يتطلب تدخلاً لوقف مثل هذه التسربات باشتراط «سنوات خدمة» إلزامية من الطبيب الذي تم تأهيله بمبالغ باهظة من الدولة بشكل جاد مثل الكثير من دول العالم، بدل أن نؤهِّل منافساً للمُستشفيات الحكومية ليستنزف جيب المواطن، دون أن نخلق مُنافسة عادلة بين جميع الأطباء.
نعود لموضة «استشارة المظهر» المُنتشرة حديثاً، رغم تكلفتها المادية الأعلى، إلاَّ أنَّها قد تكون حلاً لمواجهة أخطاء أطباء التجميل بجرأة أكبر ودون خجل من المُجتمع لأنَّ السرية التي كانت تُغلف بها التدخلات الطبية التجميلية انتفت هنا، لاسيما أنَّ المشاهير حول العالم يعتمدون مثل هذه العيادات بخبراتها «الطبية وغير الطبية» للاهتمام بأناقتهم ومظهرهم ليبقوا «كنجوم لامعين» طوال الوقت، وهو ما قد يجعل الناس العاديين يواجهون الأخطاء التجميلية بصرامة وشفافية أكبر، إذا ما حدثت تحت هذا البند.
وعلى دروب الخير نلتقي.