فضل بن سعد البوعينين
المتمعن في أهداف رؤية المملكة 2030 يجد فيها اهتمامًا كبيرًا بتطوير القطاع المالي، الذي خُصص له أحد البرامج التنفيذية الرئيسة.
ومنذ إطلاق الرؤية، وبرامجها المالية على وجه الخصوص، تعمل هيئة السوق المالية على تنفيذ برامج تطويرية، يمكن أن تشكِّل منظومة التطوير الشاملة وقاعدة البناء والكفاءة المستهدفة. وبالرغم من حساسية شؤون الهيئة، وتأثير ما يصدر عنها على السوق، إلا أنها باتت أكثر انفتاحًا على الإعلام والكتّاب الاقتصاديين والمختصين الذين جعلت لهم لقاء سنويًّا للتباحث الشفاف حول كل ما له علاقة بالسوق المالية. يحرص معالي رئيس الهيئة، محمد القويز، على إبراز استفادة الهيئة من بعض الأطروحات والاقتراحات المنشورة التي شكَّلت موردًا مهمًّا لإصلاح وتطوير السوق المالية، وهو من المحفزات المهمة. ومن الجميل أن يكون التوثيق والمراجعة حاضرَيْن في مثل هذه اللقاءات؛ كي تحقق أهدافها، بدلاً من أن تكون جزءًا من برامج العلاقات العامة.
وبالعودة إلى لقاء العام الماضي نجد أن أهم محاور اللقاء دارت حول انضمام السوق للمؤشرات العالمية، الحوكمة، سوق الدَّين وتنشيط التداول فيها، والإدراج المزدوج وجهود الهيئة في تحقيقها، كجزء من عمليات تطوير السوق، وهو ما تحقق بالفعل خلال الأشهر الماضية؛ ما يعني أن وعود الهيئة وأهدافها يتم العمل على تحقيقها على أرض الواقع، وفي فترة زمنية قصيرة، وهو أمر يبعث على التفاؤل، ويزيد من الثقة بعملها.
انضمام السوق السعودية للمؤشرات العالمية أحد أهم المكتسبات القائمة على الإصلاحات المنفذة في سوق المال، بل ربما كانت قاعدة التحول الرئيسة التي ستسهم في جذب الاستثمارات الأجنبية، والتحول الاستثماري المؤسسي، وإيجاد سوق دين «كفؤة» قادرة على تحقيق متطلبات الائتمان والاستثمار في آن، وتعزيز الحوكمة والشفافية، وتحسين مركز السوق السعودية بين الأسواق العالمية.
ومن المؤشرات الإيجابية المهمة توقُّف نزيف صناديق الاستثمار، وتحقيقها نموًّا بلغ 30 % لأول مرة منذ سنوات، وهو نمو مرتبط بصناديق الاستثمار العقارية المتداولة «ريت». وكل ما أرجوه أن يكون نموًّا مستدامًا لا منقطعًا لأسباب مرتبطة بتضخيم قيمة الأصول، بدلاً من قيمتها العادلة، وهو أمر يستدعي مراقبة شديدة، وتقييمًا عادلاً من الهيئة لضمان الاستدامة. لائحة الاندماج والاستحواذ من التحسينات النوعية في السوق، التي ساعدت على تفعيل عمليات الاندماج وفق منظومة تشريعية مكتملة.
أختم بملف «حماية المستثمرين»، وهو الملف الأكثر حساسية وانتقادًا من الجميع. لا خلاف على أهمية التحسينات المنفذة، وتمكين المتضررين من تقديم الدعوى الجماعية، وتعزيز دور صغار المستثمرين في تشكيل تكتل يمكِّنهم من طلب انعقاد الجمعية العمومية، أو طلب التفتيش والمراجعة المستقلة، وخفض مدة التقاضي من 22 شهرًا إلى 10 أشهر، إلا أن ما يواجهه صغار المستثمرين يتطلب جهودًا أكبر لحمايتهم في سوقَي الطرح والتداول. تخارج مُلاك الشركات العائلية الخاسرة من أسهمهم، وبعضهم ضمن مجالس الإدارة، إضافة إلى عمليات صناعة أسهم الشركات الخاسرة لتضخيمها بقصد التخارج منها، وضبابية موقف شركاتهم، تستدعي المراجعة والتدقيق والمعالجة الحاسمة حماية للسوق والمستثمرين.