بعد مرور السنين ومع التطورات الحديثة أصبحنا نعيش في مشقة على الرغم من توفر كل سبل الراحة إلا أن الكثير أصبح يعيش في قلق وتوتر مستمر وذلك يعود إلى السعي الحثيث في الحصول على المال رغبة في استهلاك أكثر، وهكذا تمضي حياته يعمل ليشتري ويشتري وتمضي السنون، أصبحنا وللأسف نبحث عن الرفاهية بالاستهلاك حتى أصبح البعض يرمي الجديد ليشتري الجديد!
في وقتٍ مضى كانت الصناعات تعتمد على الأيدي الحرفية حيث يشتري الناس من أجل الحاجة, أما مع كثرة الصناعات أصبحنا نشتري لأجل الاقتناء فقط وليس من أجل الحاجة اعتقادا أن السعادة بالشراء، بل أصبح المستهلك يبيع سيارته الجديدة والتي تؤدي الغرض بشكل جيد لأجل سيارة فارهة بدلا من النظر في أمور أكبر وأعمق، إلى جانب أن أغلب الصناعات لم تعد ذات جودة عالية مثل السابق، أما في الوقت الحالي أصبحت المنتجات أقل جودة بسبب سلوك المستهلكين مع السلعة وهناك أسباب أخرى.
إلى جانب رغبة الإنسان في التملك والحصول على كل ما يحلم سواء كان يستفيد منه أو مجرد مظهر اجتماعي فقط, وكأن قيمة الإنسان أصبحت في قدر ما يملك, وأنا أجزم أننا نحتاج جميعا فردا فردا إلى تعديل ثقافة الاستهلاك.
ومع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي أصبح المظهر ركنا أساسيا في حياتنا للتفاخر وللحصول على الثناء والمدح, حتى أن البعض يستدين لأجل المظهر فقط، حيث أصبحت النساء تمد المائدة وتضع الأطباق المتنوعة بما يفوق احتياجها, في الوقت الذي يحتاج فيه الألوف من البشر إلى لقمة خبز يابسة لسد الجوع, وأصبحت المرأة تجري وراء الموضة ولابد من الشراء الدائم بحاجة أو بغير حاجة.
في زمن مضى كان الإنسان يعمل بجد ويكافح بهمة عالية تحت أشعة الشمس المحرقة من أجل توفير ثمن السلعة حيث كان أكبر دافع للشراء هو درجة الحاجة للمنتج.
إنني أعتقد وبوجهة نظري أن السعادة تكمن في تجنب الإسراف والتبذير والاقتصاد في الإنفاق والمحافظة على الأشياء, لا أن تشتري كل ما يعجبك وما تشتهيه نفسك, فقط تشتري لأجل الحاجة، إلى جانب محاولة توفير المال لأجل أمور أخرى عميقه ومهمة، قال عز وجل: {وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا} (الإسراء: 26-27).
وكذلك قوله جل وعلا: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا} (الفرقان: 67).