خالد بن حمد المالك
يحاول نظام إيران إفهام مواطنيه أنه قادرٌ على مواجهة القوة الأمريكية والتصدي لها، وإلحاق الضرر بها، موهماً مواطنيه بأن القوة الأمريكية في مرمى مباشر لصواريخه البالستية التي فشلت في اليمن، ولن يكون حالها مع القوات الأمريكية بأفضل من ذلك.
* *
وأي عاقل، أو مدرك، بما في ذلك المواطن الإيراني، لا يمكن أن يصدِّق هذا الكلام، أو أن يأخذه على مأخذ الجد، لأنه يعرف أن إيران إنما تسوّق كلاماً لا يهدف إلا لإلهاء مواطنيها عن حقيقة الوضع المأساوي الذي تمر به بلادهم.
* *
أمريكا جاهزة لضرب إيران فيما لو صدر منها أي إشارات عدوانية، وهذه القوة الأمريكية الموجودة في مياه الخليج، ليس وجودها من أجل استعراض إمكاناتها وقدراتها القتالية، ولكنها رسالة واضحة لإيران، بعدم التفكير في إغلاق مضيق هرمز، أو التعرّض لناقلات النفط في مياه الخليج، سواء منها مباشرة أو عن طريق وكلائها في المنطقة.
* *
أكثر من هذا، فأمريكا لن تقبل من إيران أن تُمس مصالحها ومصالح حلفائها، وإلا اعتبر البيت الأبيض أن هذا التصرّف عدواناً سيواجه بالقوة العسكرية المناسبة التي لا حيلة لطهران على مواجهتها إلا بالكلام والبكاء أو المقاومة العبثية.
* *
على أن إيران من خلال سياساتها وإمكاناتها العسكرية أجبن من أن تواجه أمريكا، أو تتصرّف على نحو تفهم منه الإدارة الأمريكية أنه استفزاز لقواتها، وهو ما يعني أن النظام الإيراني، وكأنه يمارس عملية انتحار، بسبب عدم نضجه السياسي، وتصرّفه الأحمق، وغياب الوعي لدى مسيِّري السياسة في البلاد.
* *
وفي هذا المشهد الذي نراه في مياه الخليج، لن تجد إيران من يقف إلى جانبها، أو يعادي أمريكا بسبب تعاملها الحازم والقوي والصارم ضد السياسة الإيرانية، فقطر وهي الحليفة والصديقة لإيران ها هي تستقبل الطائرات التي ستنطلق من القاعدة الأمريكية في العديد لتقوم بمهاجمة إيران إذا ما قدَّرت أمريكا أن هذا هو خيارها، وتركيا الصديقة الأخرى ها هي تلتزم الصمت، ومثلها عملاؤها في العراق وسوريا ولبنان واليمن.
* *
إذاً فإيران الآن في وضع مأساوي لا تحسد عليه، اقتصادياً، وهي دولة إرهابية منبوذة على مستوى العالم، وها هي تتصرَّف بحماقة لمواجهة أمريكا في حرب لو قدِّر لها أن تكون فسوف تمهِّد الطريق للشعب الإيراني للتخلّص من هذا النظام البغيض، فعسى أن تكون مبررات هذه الحرب قائمة وحاضرة ومقنعة لأمريكا، حتى يخرج الشعب الإيراني من عزلته ومن هذا النفق الإيراني المظلم، وتنعم المنطقة بالأمن والاستقرار.