أصبح السلوك الغذائي لدينا غير سليم من خلال قناعاتنا بأهميته دون النظر إلى نوعيته ومقداره ومدى الحاجة إليه دون زيادة أو نقصان، وما زلنا نعتقد أن إكرام الضيف هو في إشباع جوعه وما زلنا نبحث عن التقدير عند الآخرين بالكرم والجود متجاهلين أن الزمن تغير والظروف تغيرت وإننا في عصر يتطلب تغيير بعض القناعات بما يتواءم مع متطلبات عصر الرفاهية والحياة المدنية.
فلا يكاد يلتقي اثنان في الشارع أو في المسجد أو في السوق إلا دعيا إلى مأدبة غداء أو عشاء أو حتى قهوة عادية يتخللها من المأكولات أشكالا وألوانا متعددة ولا تمر مناسبة صغيرة ولا كبيرة إلا أولم لها الولائم بل وصلت إلى جميع المناسبات الصغيرة التي لا تذكر فلا نفرح إلا بإقامة الاحتفال بوجبة دسمة فأصبحت الولائم والعزائم هي الشغل الشاغل وصار الأكل ذا أهمية بالغة في المجتمع يصنع السعادة ومعايير التقدير الاجتماعي ومؤشر على المحبة والتقدير.
لكن ما أثر ذلك على صحة الإنسان؟
إنك لا تكاد تمر في شارع من شوارعنا إلا تجد صيدلية أو مستوصف أو مستشفى وانظر إلى أي من تلك المستشفيات صغيرها أو كبيرها خاصها أو عامها متخصصها أو غير متخصصها لترى زحام المرضى المنتظرين للعلاج ثم تجد أن معظم تلك الأمراض ناجمة عن سلوك غذائي غير صحي والأكل الزائد عن الحاجة وأمراض السمنة المفرطة.
إنها معادلة متوازنة فنتيجة الإسراف في المناسبات والولائم والأكل الزائد عن الحاجة والبذخ تنتج الأمراض المختلفة الصغيرة والكبيرة.
إن صحة المجتمع هي أهم ما يملك والمجتمع المريض لن يحقق التقدم أو أي من أهدافه، بالإضافة إلى تكلفة الفرصة البديلة من خلال ذلك التكاليف الباهظة للعلاج التي تكلف الدول والتي كان بالإمكان توجيهها إلى استثمارات أخرى على مستوى التنمية.
لذا فقد آن الأوان إلى تغيير بعض سلوكيات مجتمعنا وقناعات البعض نحو الأنماط الغذائية وتصحيح المفاهيم حول الهدف من الغذاء وإنه يكفي الإنسان لقيمات يقمن صلبه وتغيير مفهوم إكرام الضيف والاحتفال بالمناسبات من هذا العبث بالصحة إلى الغذاء الصحي القليل السليم الذي ينفع الضيوف ولا يضرهم.