الصحبة الصالحة صحبة مباركة, وصلاح الصاحب دليل على صلاح المُصاحِب, فالقلوب تجتمع على ما تُحبُّ, فيحصل التآلف والمحبة, فإن كانت مُحِبَّةً للخير تعاونت عليه, وإن كانت مُحِبَّةً للسوء والشر تعاونت عليه, وكلُّ عاملٍ سيلقى جزاء عمله, إن خيراً فخير وإن شرَّاً فشر, والصداقة مقياس وميزان
يُقاسُ المَرءُ بِالمَرءِ
إذا ما المَرءُ ماشاهُ
وقد يحتار بعض من هم في سنِّ الشباب في تمييز الجليس الصالح من غيره, ويقال لهؤلاء إنَّ من علامات الجليس الصالح ما يلي:
أولاً: محافظته على صلاة الجماعة في المسجد وعدم تكاسله أو صلاته في البيت بلا عذر شرعي.
ثانياً: خوفه وخشيته من الله, فتراه لا يقترب من المعاصي, ولا يُعرِّض نفسه للفتن, خشية أن يقع فيها.
ثالثاً: سموُّ نفسه وعلوِّ همَّته وعدم دنوِّها إلى السفاسف.
رابعاً: أن يكون حبُّه لك في الله تعالى, لا حبَّاً فيما تملك من مال أو جاه, فمنطلق حبِّه لما يراه من قوة تمسكك بالدين ومن صفات حسنة فيك.
خامساً: أن يصدُقك بمحض النصيحة إن رأى زلَّة أو يُصوِّبك إن رأى خطأً, فهو لا يوافق أن يراك ركبت مطية سوء لتجتاز بها إلى هوى أو تصل إلى مخالفة, بل يكره أن يراك على خطأ فيسارع إلى إرشادك طريق الصواب.
سادساً: أن يُعينك ويحثك ويُشجِّعك على فعل الخير وعلى البر والتقوى, ويفرح بك سائراً في طريق الحق.
سابعاً: الوقوف إلى جنبِّك وإعانتك بما يستطيع إن احتجت, فالجليس الصالح لا ينسى الصحبة مهما نأى مكانه وبَعُدَ العهد به, فهو وفيٌّ زَكيٌّ.
ثامناً: يُعينك على طاعة الله, ويحثك عليها, إمَّا أن تراه يعمل صالحاً فتقتدي به, أو يحثك بقوله ترغيباً لتعمل صالحاً, فهو يحب أن تكون مثله أو أحسن في طاعة الله.
تاسعاً: يُحبُّ لك ما يحب لنفسه, يتمنى لك الخير, ويدعو لك, ويخاطبك بأدب واحترام, وبأطيب العبارات وأرقِّها.
فلا يدعو عليك لا بلعن ولا بدعوة سوء, بل يبادرك بالسلام إن اجتمع بك أو تحدث إليك, لا يبدأ بغيره من ألفاظ التحية, ولا يُشجِّعك على خطأ ارتكبته أو معصية فعلتها.
عاشراً: إن غاب عنك حفظك, وإن حضر أظهر ودك, وإن أصبت بمصيبة خففها عنك وذكَّرك, لا يفرح لمصيبتك ولا يشمت, ولا يقبل قالة السوء فيك.
وصية: جالس الصالح فإنَّ مودته سريع اتصالها, بطيء انقطاعها, لا كمودة الأشرار بطيء اتصالها سريع انقطاعها, وفي مجالسة الصالح فوائد ومنافع وثمرات لا تتأتى لغيره, أما جليس السوء فلا يكاد يُسلم من أذاه.
** **
- خطيب جامع بلدة الداخلة في سدير