يوسف المحيميد
في التسعينيات كنت أقول لأصدقائي إن أكثر المناصب همًّا ونكدًا هو منصب رئيس تحرير في صحيفة عربية؛ وذلك لصعوبة إرضاء جميع الأطراف، حتى وإن كانت الصحف تمثلها مؤسسات مستقلة فهي حتمًا تراعي قوانين الدولة التي توجد فيها، ولا يمكنها تجاوزها، لكنّ هناك أطرافًا أخرى قد تتدخل بشكل أو بآخر؛ فالمشي في بلاط الصحافة محفوف بالأشواك.. ولأنها السلطة الرابعة فلا يعرف من يعمل فيها أي ريح غاضبة تأتي، ومتى تأتي؟ ومن أين؟
في حوار الصحفي جميل الذيابي، رئيس تحرير عكاظ، مع علي العلياني في مجموعة إنسان، تحدث بشفافية عن كثير من القضايا والمشاكل التي تعرض لها، ويتعرض لها أي رئيس تحرير، وخصوصًا في الصحف الكبرى، كالجزيرة والرياض وعكاظ وغيرها، وهي التي تحظى بمتابعة شعبية كبيرة، سواء في شكلها الورقي التقليدي، أو في مواقعها الإلكترونية، وحساباتها في مواقع التواصل الاجتماعي.
ونحن فخورون في إعلامنا بأن قادته على مدى أكثر من نصف قرن أسماء كبيرة، جعلت منه إعلامًا قويًّا، وما زال يطمح إلى أن يتسيد في المنطقة، وعلى المستوى الإقليمي. وما هذه الدروس التي يتلقاها الإعلاميون السعوديون، والقضايا الوطنية المحيطة والشائكة، إلا طريقة سريعة لتقوية هذا الإعلام أكثر وأكثر؛ فلا يتعلم الإنسان أبدًا من السكون، وإنما يتعلم ويكبر أسرع مع الحراك.. وما تعيشه المملكة من حراك اجتماعي وسياسي واقتصادي إنما يمثل فرصة كبيرة للصحفيين عمومًا، ولرؤساء التحرير خصوصًا، للسير قُدمًا بالوتيرة نفسها التي تسير بها البلاد.
كل المواقف التي يتعرض لها رؤساء التحرير والإعلاميون تجعلهم أقوى، وأكثر نضجًا، وأعمق وعيًا وفَهمًا لشؤون مجتمعاتهم، وسياسات دولهم، والدفاع عن حقوق أوطانهم، والوقوف بشرف أمام مَن يمس هيبة أوطانهم ومكانتها الدولية.