محمد سليمان العنقري
تحركات عسكرية هي الأوسع من نوعها تقوم بها أميركا حالياً في المنطقة لمواجهة تهديدات إيرانية محتملة ضد مصالح أمريكية فقد وصلت للخليج حاملات طائرات وبوارج وطائرات استراتيجية (B52)، فهل تستعد أميركا والمنطقة لحرب جديدة أياً كان نوعها أو حجمها فالأجواء باتت مشحونة بشكل كبير على غير المعتاد في طريقة تعامل أميركا مع إيران، ويبدو الرئيس ترمب مصراً على حسم الملف النووي الإيراني بما يمنع مخاطره على المنطقة بالشق العسكري أي التسلح النووي لإيران.
ورغم أن كل المعطيات تشير إلى أن هذا التحرك الواسع عسكرياً من أميركا هدفه الضغط على إيران للرضوخ والتوقيع على اتفاق جديد وفق شروط تمنع امتلاكها للسلاح النووي نهائياً، لكن ذلك لا يعني استبعاد المواجهة بينهما وإن كانت الأجواء بعيدة نسبياً عن هذا الاحتمال إذ لم يشهد سعر النفط ارتفاعًا حادًا نتيجة المخاوف المحتملة من نقص الإمداد من أهم منطقة بالعالم لإنتاج وتصدير النفط والغاز، لكن الأهم ما هو الأثر الاقتصادي لما يجري من تحركات ضد إيران حالياً من أكبر قوة بالعالم، فالجميع سينظر للآثار الاقتصادية المترتبة على كل احتمال في هذه المواجهة سواء انتهت برضوخ إيران وتقديمها التنازلات أو وصلت لمرحلة الحرب وتوجيه ضربات مؤثرة سيكون لها انعكاس قوي باتجاه إيران للقبول بتوقيع اتفاق نووي جديد وفق شروط تملى عليها بالقوة أو احتمال تشعب المواجهة وقيام طهران بأعمال عدائية في أكثر من دولة بالمنطقة عبر أذرعها الإرهابية.
الحقيقة إن كل الاحتمالات واردة لكن نتيجتها لا بد أن تكون رضوخ طهران فالعادة جرت أن تنحني إيران للعاصفة أو ترضخ إذا تعرضت لضربة قاسية وتقبل بالتنازل بدلاً من الانهيار للنظام، لكن الأثر الاقتصادي المحتمل ليس بالبسيط بل مفتوح على احتمالات عديدة منها ارتفاع بأسعار النفط، وكذلك ارتفاع بأسعار التأمين على النقل البحري مما سيؤثر بأسعار السلع الواردة للمنطقة ارتفاعاً، إضافة للمخاوف التي ستحد من تدفق الاستثمارات مؤقتاً ريثما تنتهي الأزمة، كما ستتأثر أسواق المال وتشهد تذبذبات حادة حتى تتضح الصورة في حال حدثت المواجهة العسكرية، لكن بالمقابل فإن رضوخ إيران وتنازلها تمامًا عن مشروعها التوسعي وأدواته من أذرع إرهابية ومحاولة امتلاك سلاح نووي سيكون له أثر إيجابي بتنشيط الاقتصاد بالمنطقة نحو التنمية وجذب الاستثمارات فإيران دولة كبدت تصرفاتها العدوانية ضد دول المنطقة منذ العام 1979م مئات المليارات من الدولارات وتسببت بدمار وخسائر هائلة لكل الدول التي تغولت فيها بل إن إيران نفسها تعاني من اقتصاد متخلف قائم على أسس غير مستدامة لأنه اقتصاد أزمات فالبطالة مرتفعة وقيمة العملة بأسوأ مستوياتها فكل دولار يعادل 156 ألف ريال إيراني فأي مواجهة عسكرية ستقضي على ما تبقى من اقتصادهم المتهالك.
إيران تواجه مصير سياساتها العدائية وأطماعها المعلنة بالمنطقة وأثر أي مواجهة أو تنازل سيكون إيجابياً بنهاية المطاف على المنطقة إذا أدى لتغيير سياسة إيران الحالية وتحولها لدولة تهتم باقتصادها وتعيد علاقتها مع دول الجوار على أساس من الاحترام والتعاون وحتى ذلك الحين فإن المنطقة ستبقى في حالة عدم استقرار وهو ما يؤثر سلباً على جذب الاستثمارات وتنشيط الاقتصادات تحديدًا للدول المنهكة من الحروب التي تعبث إيران بها.