محمود شومان
«عذرا يا رمضان في اللحظات التي يرتقب فيها العالم بزوغ هلالك، غزة أضاءت سماء العالم بأقمار شهدائها، تاهت بين أضوائها قبسات كل الأهالي، اللهم احفظ غزة بعينك التي لا تنام، بأي حال جئت يا رمضان» على مواقع التواصل الاجتماعي انتشرت هذة التدوينة لمواطن غزاوي لم يجد إلا تلك الكلمات تعبيراً عن الضيق الشديد من أوضاع القطاع الحائر بين الصواريخ «الحماوسية - الإسرائيلية».
لا أعرف بالضبط متي يدرك ما يسمى بتيار المقاومة الفلسطيني في قطاع غزة أي حركة المقاومة الفلسطينية حماس والجهاد الإسلامي أن المواطن الفلسطيني في قطاع غزة بات غير قادر على تحمل النتائج الكارثية لأي تصعيد عسكري بين فصائل المقاومة وقوات الجيش الإسرائيلي وأن أي تصعيد عسكري من قبل الفصائل لا يأتي إلا بالكوارث على «رأس» مواطني القطاع الذي وصل إلى حالة «صفرية» في الأوضاع الاقتصادية بفعل قلة الأموال المتدفقة للقطاع وأن الأوضاع المعيشية للمواطن أصبحت غاية سوء عن أي وقت سابق.
فقد كشفت معطيات وإحصاءات جديدة حول معدلات الفقر والبطالة في القطاع، عن ارتفاع كبير وصل في منسوبها، نتيجة للحصار وعقوبات السلطة التي فاقمت مأساوية الظروف الإنسانية بالقطاع وطبقًا لهذه الإحصاءات التي أشارت إليها الغرفة التجارية بغزة، فإن نسبة البطالة بالقطاع وصلت لـ52 % خلال العام المنصرم 2018م، وانعدام القدرة الشرائية وانخفاض الواردات بنسبة تتجاوز 20 % خلال عام 2018 ما يزيد عن مليون شخص يتلقون مساعدات من الاونروا والمؤسسات الإغاثية الدولية والعربية العاملة في قطاع غزة.
وكذلك انخفاض في عدد الشاحنات الواردة إلى قطاع بنسبة 50 % خلال السنوات الأخيرة، من 750 شاحنة يوميًّا إلى 350 شاحنة يوميًّا 87 مليون دولار حجم الشيكات المرتجعة خلال عام 2018 والقطاع الاقتصادي مغيب كليا عن عملية إعادة الإعمار ونسبة التعويضات لاتتجاوز 16.5 % من إجمالي أضرار القطاع الاقتصادي 72 % فقط ما تم إعادة بنائه من كافة الوحدات التي تم تدميرها بشكل كلي خلال حرب 2014, ولا تزال هناك حاجة إلى 21 % من الأسمنت لحالات إعادة إعمار المساكن التي استهدفت خلال حرب عام 2014 ويقدر عدد الذين ما زالوا نازحين وبدون مأوى جراء الحرب الإسرائيلية في صيف 2014 على قطاع غزة، بحوالي 2.370 أسرة (حوالي 13,300 ألف فرد مشرد).
انخفاض حاد في الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة في قطاع غزة بلغ 7.9 % خلال الأرباع الثلاثة الأولى من عام 2018 مقارنة مع الأرباع الثلاثة الأولى من عام 2017, مما أدى إلى تباطؤ نمو الاقتصاد الفلسطيني وانخفاض حاد في نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في قطاع غزة, حيث بلغ نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي 357 دولار أمريكي خلال الربع الثالث من عام 2018، وسجل انخفاضاً بنسبة 9 % مقارنة مع الربع الثالث من العام 2017م.
ومع المحاولة البائسة دائما للأسف لتيارات المقاومة العربية لادعاء الانتصار في أي مواجهة عسكرية مع إسرائيل التي بدأها حزب الله اللبناني «المدرج على قوائم الإرهاب» واسنتسختها الفصائل الفلسطينية فيما بعد فإن النظر إلى التصعيد الأخير في قطاع غزة يؤكد أن هذا «الاستخفاف» لم يعد مجديًا فغزة هي الخاسر في كافة النواحي جراء التصعيد فمع بدء التصعيد زادت إسرائيل من الحصار الخانق على القطاع بعدما قررت السلطات الإسرائيلية إغلاق كل المعابر وبحر غزة بشكل كامل في وجه الصيادين الفلسطينيين.
ووفقا للجهات الرسمية في قطاع غزة التي كشفت تباعًا عن حصيلة ونتائج العدوان الإسرائيلي فإن عدد الشهداء بلغ 31 شهيدًا، بينهم أربع سيدات ورضيعتان وجنينان وطفل، إضافة لإصابة 154 آخرين بجروح متفاوتة الخطورة وعلى مستوى البنية التحتية فإن عدد الوحدات السكنية المتضررة بلغ نحو 830 وحدة وهي خسائر لا تقارن بالنسبة للجانب الإسرائيلي نتيجة لإطلاق مئات الصواريخ من قطاع غزة.
الفصائل الفلسطينية أعطت لإسرائيل «مفتاحاً شرعياً» لقصف القطاع بعدم التوقف عن إطلاق الصواريخ التي تدرك هي تمامًا أنه لن تحدث أي أضرارٍ تقارن بأضرار القطاع جراء غارة إسرائيلية واحدة مع هذا ليس من المنتظر أن يدرك قادة تيار ما يسمى المقاومة حجم المعاناة لسكان غزة إذا كانت التصعيدات والمناوشات مع إسرائيل «بزنس» بالنسبة لهم.