فوزية الشهري
السايبر كوندريا بالوكالة هو مصطلح يصف الأشخاص الذين يبحثون عن معلومات طبية من أجل أقاربهم أو أصدقائهم أو زملاء العمل أو أي شخص آخر.
وهو من الآثار السلبية لاستخدام الفضاء السيبراني، فثورة التقنية وسهولة الوصول للمعلومة ورث لنا بعض الأضرار الناتجة عن سوء الاستخدام للإنترنت، ويؤدي إلى عواقب وخيمة على صحة من يتلقى هذه المعلومات الطبية أو يستخدم الأدوية أو ينفذ الاستشارات التي يتم توفيرها فقط بمحركات البحث.
يقول الدكتور (براين مورتون) الرئيس السابق للجمعية الطبية الأسترالية موضحاً هذه المشكلة بجملة مختصرة «كان ثمة احتمال أن يتسبب الدكتور قوقل وأفراد عائلته المهذبين بكارثة».
نعم، كوارث البحث عن الوصفات الطبية من الإنترنت كثيرة ومتكررة وعلى مستوى عالمي، وقد كانت نتائج الدراسة التي أجراها «وايت وهورفتز» عن القلق المزمن عن الصحة كانت النتيجة أن نسبة 40 % من الأشخاص الذين قاموا بالبحث عن معلومات طيبة كانت لغيرهم بينما 58 منهم كانوا يريدونها لأنفسهم وهنا يظهر حجم المشكلة وتأثيرها.
البحث عن معلومات طبية أو استخدام أدوية دون استشارة طبية هي قلة وعي ومغامرة بالصحة لكن أن يصل الأمر لتعريض الآخرين لأخطار والمغامرة والتجربة بصحتهم فهذه جريمة بالنسبة لي.
دراسة الطب والتخصص فيه يمضي فيها الطبيب السنين الطويلة حتى يصل إلى القدرة على وصف العلاج المناسب وتحمّل مسؤولية ما وصفه فهل يعقل أن يترك ذلك ويستعاض بدلاً عنه بمواقع على الشبكة العنكوبتية.
وأكثر ما يصيبني بنوبات الصداع عند الجلوس في استراحة المستشفى أو العيادات التخصصية عبارة تتردد كثيراً (خليك من كلام الدكتور وجرّبي الدواء ذا). هذه العبارة بكل صدق ماركة مسجلة لأماكن الانتظار النسائية أكثر من الرجال، وهي سبب لكثير من المضاعفات لكثير من المرضى ولو أجريت دراسات وتم عمل الإحصاءات لتعرَّفنا على مدى أثرها على المجتمع بشكل علمي.
وهذه الظاهرة ليست ظاهرة محلية فقط، بل تجتاح العالم وقد نقلت صحيفة (سدني مورنتغ هيرالد) قصة الابن البار الذي كان يتألم مما يشكو منه والده وكان الوالد يعاني من التهاب المفاصل ومن شفقته بوالده ورغبته بشفائه قام باستبدال أدويته معتمداً على مواقع طبية وكاد بدافع الحب والحنية أن يودي بحياة والده.
هذه قصة واحده من مئات القصص التي حملتها لنا وسائل الإعلام، وأراهن أن غير المتداول والمسكوت عنه يقدَّر بأضعاف المعلن عنه، لذلك يجب التوعية عن أخطار مثل هذا السلوك والتنبيه على خطورته، بل أتمنى تجريم من يستخف بصحة الآخرين ويجعلها مجالاً للتجارب لأن العقوبات تهذِّب كثيراً الأشخاص الذين لا يقدِّرون المسؤولية.
الزبدة:
على المرء أن يجاهد في سبيل التعلّم قبل أن ينقضي أجله ليعرف ما يفر منه وما يفر إليه وسبب هذا الفرار.
«جيمس ثوربر»