خالد بن عبدالكريم الجاسر
تُوصف السياسة الأمريكية تجاه إيران وكوريا الشمالية بالعودة إلى المستقبل، لإجبار حكومتي هاتين الدولتين على التخلي عن الأسلحة النووية، رُغم وجود حلفاء حقيقيين.. كروسيا والصين، مؤكدتين مرارًا أنهما ستستمران في شراء النفط من إيران حتى بعد 4 نوفمبر.
وواشنطن أيضاً لا تنام، فالحلم الأكبر للبيت الأبيض، والذي لا يتحدثون عنه علناً في أمريكا، هو بالطبع تغيير النظام السياسي الفارسي وحرسه الثوري الداعم لميليشيات مذهبية في دول مختلفة، من بينها دول شقيقة عربية وأخرى غربية. بل والذي لا مهمّة له سوى قمع الإيرانيين أنفسهم في الداخل، وملاحقتهم في الخارج والاستثمار في إثارة الغرائز المذهبية في أنحاء مختلفة من العالم.
هذا الحلم السري مُنذ ثورة عام 1979 الإيرانية، جعل أميركا تُواصل الضغط على طهران وحُلفائها بالمنطقة، عبر مفاوضات تأسيس «ناتو عربي»، وأيضاً منذ سريان الحظر الأمريكي الجديد في 7 أغسطس.
ورغم ذلك، فوصف العقوبات بـ«الجديدة» لا ينطبق عليها واقعاً، لأنها قيود أُلغيت بعد توقيع اتفاقية البرنامج النووي الإيراني عام 2015، لتُعلن الولايات المتحدة «الحرس الثوري الإيراني» بكلّ فروعه وأدواته «منظمة إرهابية»، للضغط على نظام إيران لتغيير سلوكه و»هذا قرار لا عودة عنه»، فالإدارة الأمريكية الحالية هي إدارة مختلفة عن كلّ الإدارات السابقة، تعني ما تقوله، بل تعني كلّ كلمة تصدر عن مسؤوليها.
ولا شكّ أن الموقف السعودي بقوته بدا للعالم جلياً، ولأنها معنية بمواجهة الغطرسة الإيرانية التي لم تترك فرصة إلا وسعت إلى الإساءة إليها وإيذائها، بتاريخ حافل منذ آية الله الخميني ومحاولات «تسييس الحج»، وتجاوزات أخرى فاقت كلّ حدود.
جاءت أخيرًا مرحلة تصفيات كلّ حسابات الماضي والحاضر مع إيران، بداية من احتجاز دبلوماسيي السفارة الأميركية 444 يوماً في خريف عام 1979دون مبرّر، وتفجير مقر قيادة المارينز قرب مطار بيروت عام 1983، كأسوأ عمل إرهابي تعرّضت له القوات الأميركية منذ نهاية حرب فيتنام عام 1975. وهجوم إبريل 1983 على مقر السفارة الأميركية في عين المريسة ببيروت، وقتل خيرة ضباط (CIA). ولا يزال هذا التفجير إلى الآن لغزا. وما تعرّضت له القوات الأميركية في العراق بعد 2003. وتفجير الخبر بالسعودية عام 1996.
نظرة: إنّ الموقف الأميركي من إيران أكثر جدّيةً، بنشر حاملة طائرات، في «رسالة واضحة، لا لبس فيها» إلى طهران وتحذيراتها المقلقة، لكن هل يمكن أن تُقوم الأخيرة بـ «المعاملة بالمثل»؟. ردًا على الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي، والوعود الجوفاء من الدول الأوروبية في تنفيذ التزاماتها. لا أظن! فهي كالمرأة في عُمر الشمطاء.
ولعل تغيير السلطة الخُمينية لا يُمكن أن يَحدُث إلا بسقوط هذا النظام وميلشياته، فهل يُدرك هذا الخطر البيت الأبيض؟. رُبما! أو خروج ثورة جياع، ومع ذلك يستمرون في زيادة الضغط عليها أملاً أن تتمكن وكالة الاستخبارات المركزية، كما فعلت مراراً في بلدان أخرى، من إيصال سياسيين يناسبون الأمريكيين إلى السلطة في طهران.
وقفة: لقد حان الوقت، كي لا يعود هناك تمييز بين الإرهاب السنّي والشيعي، فالإرهاب يبقى إرهابا مهما تغطّى بالدين، بغض النظر عن هذا الدين، حفظ الله ديننا وعالمينا العربي والإسلامي ومملكتنا الغالية وأعزها تحت قيادة سلمان الحزم والعزم وولي عهده المقدام.