د. خيرية السقاف
التقرب إلى الله عبادة
وأجلُّ أنواعها الاعتراف..
الاعتراف بالله،
الاعتراف بالسجية البشرية،
الاعتراف بفقرها إليه، وبغلبتها دونه..
بالاعتراف بالسبيل للخلاص من فقرها، وفراغها، واعوجاجها، وظلمتها، وظلمها، وخطيئتها، وضعفها..
باليقين في اللجوء إليه تعالى اعترافًا بالأمر إليه، وبالقدرة له عليها..
فمن ذا البشر الذي يتغلب على السجية فيه ليتمكن من لجامها دون عونه تعالى، ومشيئته المؤازرة له؟..
وكيف تتحقق للمرء المعونة الإلهية إن انصرفت ذاته عن السبيل إليه تعالى، بالوسيلة التي منحها له وقتًا، وهيئة، وكيفية، وسبيلاً، وأداءً؟!..
الوقت رمضان، والعمل صيام، والوسيلة طاعة، واستسلام..
«رب هب لنا لسانًا ذاكرًا، وقلبًا خاشعًا، وخشية تحول بيننا وبين معاصيك»..
الوقت رمضان، احتساب الصوم فيه لله خالصًا، لا شعور بجوع، ولا صدأ من عطش، لا تذمر من وقت، ولا نوم عن فريضة، لا سهو في إفراط، ولا لهو في تفريط، بل القلب خاشع، والجوارح بالعبادة عاملة، وعقل بالتفكر نابه..
ففرص الله الموهوبة في هذا الرمضان رحيمة بالذي مضى، واعدة بالذي سيأتي، موسومة بالهبات، ممنوحة للتطهر، براحًا للسبق، وضيئة بالأمل..
لله درك يا رمضان..
ما أوسع لحظاتك ليعترف المرء فيك ببشريته وهو يخضع لفحص الذات، وتطهيرها، لعله أن يرتقي بها نحو النجاة من صغائرها، وغفلتها..
اللجوء فيك محكٌ، والتأمل فيك ملاذ، والدموع فيه اغتسال..
وإنك الجسر يا رمضان بين حَـبْـوِ عبد واهن، وحبل رب قوي..
بينه الفقير لربه، وربه الغني برحمته..
بين من تغلبه بشريته، ومن ينجي بمغفرته..