حاورها - محمد هليل الرويلي:
أوضحت القاصة والروائية «منال العتيبي» أن منهجها في الكتابة يدور في فلك «الحرف الشفاف», والكلمة البسيطة غير المثقلة بالمعاني التي لا يفقه معناها القراء فتجدها منجذبة لتلك العوالم غير الصاخبة، وتلك النتاجات التي توصل الفكرة بأبسط العبارات منذ قراءاتها الأولى التي وجدت فيها عالم الكاتبة الراقية «قماشة العليان», إذ المحتوى والسلاسة والبراعة والجاذبية الأدبية في كل ما تكتب وما تقرؤه لها وما تسطره حروفها الروائية - على حد وصفها - موجهة النصح لكل من وجد نفسه في هذا العالم، ويبدأ خطواته الأولى أن «لا يتكلف», ويعبِّر بكل سلاسة، كل حرف بسيط يصل ويمتع للقراء. «منال العتيبي» التي أصدرت بواكير مجاميعها القصصية في العام 2008 «طعم الفرح», وروايتها الأولى في العام2012 «أنثى الشتاء», عادت للقصة من جديد بعد أن اشتد عودها وأصدرت «فاعل خير», ثم رواية «فارس أحلامي»، كذلك أثرت بعمل مشترك مع القاصة «أمل الشلوي» مكتبة الطفل بإضافة مجموعتها الأخيرة «حكايات سدرة» رسومات وتلاوين. قالت لـ«الثقافية»: في مجمل إجابة حول قضايانا الحتمية وتعاطي وتناول المبدعين معها: هكذا هي الحياة, لا تسير على وتيرة واحدة, لذا علينا النظر من هذه الزاوية, فكل شخص منا متعايش مع ظروفها وأحوالها كأننا نؤدي في مسرحها, ويبقى الدور الأصعب على مبرمج تلك السيناريو والبطل الرئيس كاتب الحرف وقاص الحدث, ومع أننا ندرك جميعًا أنه متمكن وقادر على الصياغة -إذ يمكنه ذلك- لكن ليس بتلك السهولة تجري الأمور, إذ قبل البدء لابد من «المعايشة» للوصول لأرق طبقة من الحدث من الداخل ليكتسب الحرف منه «الصمود والثبات», مهما تباينت حوله الآراء.
• «مواليد الكتاب» نتاج مزاولة إجادة أو إخفاق
وأضافت: قد يرى البعض أنك أجدت وأوصلت، في حين هناك من يرى أنك بالغت أو أخفقت, كون المولود القادم بحرفك يملك ملامح الحدث. وهذا نتاج قراءة واعية ومزاولة حرفية. ستكتب الحزن حزناً وستنقله كما هو وستلبس الفرح حلله دون تزييف, لا دمج هنا، ندرك جيداً مهمة الإيصال الصحيح للواقعة أو القضية. الفن الأدبي شعور مضيء ينبعث من داخلك أو غرس ينمو ويتفرع للخارج موجهاً إياك لمحطات الأيام ومراسي المواقف إن كان سرداً أو شعراً, إذ قد تمتلك ملكة القصة وأجواءها ومداراتها وتستطيع وصف حدث مر من أمامك سريعاً أو لربما عايشته بالخيال، وحيال ذلك لا تملك مفاتيح (النسج القصائدي), ونظم قصيدة بقافية وجرس موسيقي يشدو بها المتلقي. العطاء موجه لفن واحد هي هكذا, إلا أن هناك من يخالفك ويحكي بأن الكاتب ما أن يملك الموهبة فإنه قادر على الكتابة والإنتاج بكل فروع الأدب، لكن الحصيلة التي نراها والنتائج الظاهرة أمامنا تثبت أن لكل مجال رواده وعرّابيه الذين يمنحونه أفضل ما عندهم ليصل بجماليته المرجوة.
• نقادنا مثل «مؤشر» البورصة!
وانتقدت «العتيبي» الدور الذي يقوم به بعض النقاد, مشبِّهة الحركة النقدية الممارسة حاليًا وتشهدها الساحة الإبداعية بالحالة التي نراها في أسواق و»مؤشرات البورصة»، وقالت: النقد أصبح شبيهًا بمؤشر البورصة، يرتفع حسب الإقبال والتوهج للمادة الأدبية, وينخفض لأدنى مستوى إذا فقدت تلك المادة أي علامة من علامات الوصول والوهج الإعلامي! وبينت أن مشكلتنا في النقد هو التوجه «للنقد الذاتي», وليس للمادي -عمل الكاتب- إذ إن بعضهم لا يشغله سوى من هو هذا الكاتب؟ فيبدأ نقده الجارح أو غير المجدي, رغم أن هذا النتاج لو تريث صاحب النقد واطلع على صفحاته بهوادة وقراءة متأتية لما بين السطور لوجد الجوهر الذي أعمى بصره وبصيرته عنه!
وتتابع: لا نعمم بالتأكيد فهناك من يمسك «زمام النقد», ليدلي بدلوه ويمنح صاحب النتاج الأدبي ما يفيده بأسلوب توجيهي نحوي تثقيفي عن ما تعنيه الكتابة. يعلم ما يكتب وما يريد إيصاله للمؤلف ليتلافاها في نتاجه القادم. نحن كذلك نعلم أنك لا تملك الكمال في ما تكتب لكن اختيارك لطريقة نقدك هي مقياس لقراءتك ووجهتها الشخصية أو الأدبية.
• رأيت مثلما رأيتم سطرًا!
وأكدت «العتيبي» أنه ليس من حقنا مصادرة هوايات الكتاب ومواهبهم أو تحديد جدوى ولا جدوى ما يقومون به ويزاولونه في نوافذ شبكات التواصل الاجتماعي، إذ لا نملك الحق البتة في الحكم على أحد ولا يمكننا منع أحد من مزاولة هوايته أو موهبته، وأضافت: أنا رأيت مثلما رأيتم كلمات قد لا تتجاوز السطر ويطلق عليها نصوص, وتُزخرف وتُنشر داخل كتاب ثم يُدشن في (معرض الكتاب) ويأخذ حيزًا في المكتبات. ربما نحن مخطئون في الحكم عليهم كون هذه الحروف خرجت من محبرة فكرهم. وإنهم يرون أنهم منحوها أجمل ما لديهم من شعور. لكن لو قرأنا هذه الظاهرة من زاوية أخرى, لوجدنا أن الخطأ يقع على أصحاب القرار في إصدار مثل هذه الكتب. لابد من التريث ومنح الكاتب فرصة كي يعيد أفكاره ويطلق العنان لفكره من جديد وينتج ما يبهر أكثر ليكون ذا واجهة مرضية لكل الأطراف من كاتب وقارئ وناشر.