سمر المقرن
سألني أحد المؤثرين في تويتر قبل فترة: لماذا توقفتِ عن الكتابة ضد الإخوان المسلمين والصحوة؟ فأجبته: أن الضرب في الميت حرام من جهة، ومن جهة أخرى أنا بطبعي أنظر إلى المستقبل وأتجاوز عثرات الماضي بعد أن أستفيد منها، قلبي نظيف -ولله الحمد- ولا يحمل حقداً ولا ضغينة على أحد، وليس لدي أي مشكلة شخصية مع أي اختلاف، إنما المشكلة الكبرى والعامة هي مع فكر معين يقوم على إقصاء كل من يخالفه، وللمعلومية وقد ذكرتها سابقاً وأعيدها اليوم، أن النمط الفكري والسلوك العدواني الذي انتهجه تيار الصحوة هو لا يخصهم وحدهم، بل إنه ومن تجربة شخصية فإن هناك من هو محسوب على الفكر الليبرالي ويُعامل من يختلف معه بنفس المنهج العدواني، بل حتى من يختلف معه في جزئيات بسيطة وليس في فكره بشكل عام. هنا أقول إن النمط الفكري الصحوي أصبح «سمة» يتصف بها الاختلاف الفكري أياً كان صاحب الفكر، ما يعني كما أرى أن هذا أصبح منهجا فكريا يقوم على الإقصاء بدون تفكير!
هذا المنهج ليس وحده الحالة السلبية التي أصابت المجتمع من الفكر الصحوي الإخواني، ولن أخوض في تفاصيل أخرى لأني أرى أنها صارت من الماضي الذي لا أحب نبشه ولا العودة إلى الجدال فيه وكأني أنتقم من تيار انتهى ولم يعد له أي وجود، كما حدث من قِبل -بعضهم- بعد اعتذار الدكتور عايض القرني بشجاعة للمجتمع باسم الصحوة، فالصحوة انتهت وشيع المجتمع السعودي جثمانها بعد أن حفر قبرها الأمير الشجاع محمد بن سلمان، لكن حديثي عن حالة التشفي والانتقام التي قامت ولم تقعد خلال الأيام القليلة الماضية ضد الدكتور القرني شخصياً -ولست أدافع عنه أبداً- لكنني أتحدث عن كم المشاعر السلبية والتي خرجت عبر العديد من المنصات يظهر فيها جلياً أن القلوب فيها كم كبير من الرغبة بالانتقام، لست ضد نقد فكر الصحوة الذي جثم على حياتنا طويلاً وإلى اليوم نعاني من تبعاته، وكنت من أوائل الأقلام التي انتقدت هذا الفكر ورموزه في وقت كان يصعب فيه كثيراً على المرأة أن تعبر بمثل هذه الآراء القوية، لسبب بسيط هو الفجور في الخصومة، والإيذاء الذي كان من الصعب احتماله، بل إن الإيذاء لم يكن لي شخصياً بل يصل إلى الأهل والأبناء دون وجود أدنى معايير شرف الخصومة أو الاختلاف بالرأي، ولو كان هناك من له حق الشماتة فالأولى بي وبالنساء القليلات اللواتي وقفن بقوة في وجه هذا الفكر أيام قوته وعنفوانه، مع ذلك لم ولن أشمت، ولم أفرح وأنا أرى هذا الكم الكبير من الرغبة في الانتقام، بل إن في هذا الاعتراف من الدكتور القرني أوجها إيجابية سامية كان الأولى والأجمل أن نراها ونقدرها له، ونفتح أبواب التسامح والنظر إلى المستقبل وكيفية تدارك آثار تلك الحقبة المظلمة من جدول حياتنا، وننطلق إلى رؤية أكثر صفاءً إلى حياة طبيعية كالتي نعيشها اليوم!