نوف بنت عبدالله الحسين
التواجد دوماً في نفس المنطقة دون التحرّك، هو قتل تدريجي للروح واستسلام اختياري بالتوقف عن الحياة، بيد أن الحياة مستمرة شئنا أم أبينا، والتغيّر سمة أساسية ومستمرة حتى لو رفضنا ذلك.
ليست القضية في التغيير بقدر ما نحتاج إلى المرونة في مسايرة التغيير ودفع العجلة إلى الأمام نحو أفق متجدد ونظرة مستقبلية مختلفة.
هناك أشخاص توقف عندهم الزمن، تجدهم منزوين على أفكارهم القديمة ونظرتهم القاصرة للحياة، لم يطوّروا أدواتهم ومهاراتهم، وأصبحت عقولهم أسيرة زمن مضى بحلوه ومرّه، لذا تجدهم في كوكب خاص بهم، لا يرضون التزحزح أو الانخراط أو الاندماج بما يستجد، أو حتى تشكيل رأي تجاه المتغيّرات، وكأنهم خارج الزمن.
البعض تجده ينجرف بسرعة نحو أي تجديد لكن دون وعي، انسياق دون تفكّر، وأهمل جانب تطوّر مهاراته وملكاته، هذا ليس تجديداً أو تطويراً بقدر ما هو الذهاب مع الآخرين أينما توجهوا، وكما يقال في المثل الشعبي (مع الخيل يا شقرا).
التجديد يحتاج إلى إدراك بأن نستمر نحو الأفضل لا الأسوأ، أن نواكب العصر ولكن بكل حكمة، أن لا نشوّه استخدامنا لمفردة التجديد بما لا يليق به، أن نجدد نيّاتنا نحو الخير، وأن نجدد أفكارنا ونطوّرها، وأن نجدد سلوكيّاتنا نحو الأفضل والأرقى، أن نكون عصريّين بلغة متداولة محترمة ومهذبة تعكس مدى رقي وتقدّم المجتمع، أن نجدّد لحظاتنا بإنجازات تشير إلى مدى قدرتنا على إحداث التغيير نحو الأفضل.
لا تقف مكانك، ولا تنساق دون وعي، واكب بحكمة، وأحدث التجديد الذي يليق بكيانك وفكرك وملكاتك التي أودعها الله، تعلّم شيئاً جديداً كل يوم، اقرأ كثيراً، واصنع أثراً، ولا تجعل الأيام تتجاوزك دون أن تكون لك بصمتك في المواكبة والتطوير والتجديد، وخذ من حولك ما يناسبك، وما يخالف مبادئك وقيمك وأفكارك وضميرك فدعه غير مأسوف عليه، كن متزناً متوازناً، ولا تجدد بشكل عشوائي، اجعل خطواتك نحو التجديد خطوات مدروسة وذات أثر وتأثير، كن صانعاً لشيء جديد، كفكرة إبداعية مبتكرة، كن باحثاً للخير منتجاً للجمال، وشارك في رحلة التجديد...